للمرة الثانية والثالثة والرابعة أقول إن مدينة عرعر صدمتني ولم تكن كما توقعت ولا وفق ما يفترض أن تكون عليه.

قلت مثل هذا الكلام في مقالة الأسبوع الماضي، وعاتبت الصحفيين على دورهم السلبي تجاه منطقتهم، كون المفترض فيهم أن يسهموا في النهوض بمدن المنطقة عبر ممارسة النقد الهادف، لكنهم أفادوني بوجود مضايقات تحول بينهم وبين أداء دورهم المفترض.

وما إن نشرت المقالة حتى انهالت عليّ المكالمات الهاتفية من فئتين، الفئة الأولى تشكر لي ما ذهبت إليه في مقالتي سواء عن وضع المدينة أو وضع الصحفيين، وأفادوني أن هناك متطوعا يجمع تواقيع من الصحفيين في عرعر للرد على مقالتي تلك، ومضمون التعقيب نفي قصة شكوى الصحفيين من وجود مضايقات لهم بل ونفي لقاء أي منهم بي، ثم يختتم هؤلاء المتصلون مكالماتهم بتأكيدهم لي صحة ما ذكرته وأنهم لم ولن يوقعوا على ذلك الخطاب وأنهم من الصحفيين المخضرمين في المنطقة، ولهذا ينبغي عليّ ألا أهتم لما سيرد في التعقيب كونه لا يمثل الصحفيين المعتد بهم.

وفئة ثانية اتصلت بي تحاول معرفة أسماء الصحفيين الذين التقيت بهم ممن أفادوني بأن في فمهم ماء ولا يسمح لهم بممارسة عملهم كما ينبغي، وأفادوني أن كلامي غير صحيح وأنني عممت، فهم يكتبون دائما عن عرعر ومما يكتبونه من مواضيع خبر عن ضبط مقيم يروج مخدرات، وحدوث حريق في المكان الفلاني أو حادث تصادم في الطريق العام، وأخبار أخرى كثيرة على نفس الوزن يمكن لي مراجعتها في الصحف التي يعملون بها ليتأكد لي أنهم يمارسون عملهم بلا مضايقة.

هنا أدركت لماذا عرعر في بعض جوانبها التي ذكرت هي هكذا مادام بعض العاملين في مهنة البحث عن المتاعب، والمهنة التي سميت بصاحبة الجلالة، وسميت أيضا بالسلطة الرابعة يعتقدون أن نشر أخبار الحوادث هو ما يمكن أن يساهم في النهوض بمدينتهم ويساهم في جلب المشاريع والاعتمادات المالية لها ويساعد في تصحيح جوانب القصور وكشفها، وله دور بارز ومؤثر في المطالبة بتعزيز إداراتها بالكوادر البشرية القيادية القادرة على تحقيق برامج التنمية وأهداف الحكومة.

بقي أن أقول لمن أشغلوا أنفسهم بجمع التواقيع وفي البحث عمن التقوا بي في زيارتي أو زودوني بمعلومة أزعجتهم، لقد تنازلتم عن مهنتكم ومارستم مهنة غيركم ممن تضيق صدورهم بهامش الحرية المتاح لنا للمساهمة في الإصلاح والتغيير والقضاء على الفساد وحفظ حقوق الإنسان، وتلك عناوين عريضة تناقش يوميا وأسبوعيا في مجلس الوزراء ومجلس الشورى وعلى صفحات صحفنا وقنواتنا الإعلامية المختلفة، لكنكم بمثل ما أنكم لا تكتبون يبدو أنكم أيضا لا تقرؤون.