حتى وقت قريب، لم يكن الناس يسهرون الليل دون سبب.. كالحراسة أو السفر أو الهم أو المرض.. يقول الشاعر العربي: "لا يسهر الليل إلا من به ألمُ".. ويقول امرؤ القيس:
"وليل كموج البحر أرخى سُدوله..
علي بأنواع الهموم ليبتلي".
لم يكن المجتمع يعرف السهر إلى ساعات متأخرة.. كان التلفزيون الرسمي الوحيد يغلق برامجه عند منتصف الليل.. كانت الحياة جميلة وغير معقدة.. حتى بدأت ثورة الاتصالات والفضائيات فاعتاد الناس على السهر.. بل ذهب الناس إلى ما هو أبعد من ذلك، حينما وصلوا الليل بالنهار!
ولا يمكن لك أن تنكر ذلك.. بمعنى: أنت لا تستطيع أن تقول إنك تنام مبكرا، بينما أنت حاضر بقوة في تويتر وفيسبوك والواتس أب!
التقنية اليوم شاهدة عليك.. وشاهدة لك على الحال التي وصل لها المجتمع الذي تحول إلى كتيبة من "السهارى"!
أكرر اليوم ما قلته هنا أواخر العام الماضي، أن نسبة كبيرة من السعوديين كائنات ليلية بامتياز.. والذي دفعني لتكرار الحديث هو ما قرأته قبل يومين لمجموعة من الباحثين يؤكدون أن السهر يمنع الجسم من إفراز هرمون "الميلاتونين" مما يسبب إصابة الإنسان بمرض السرطان.. وأن الإنسان كي يحمي نفسه من الإصابة بهذا المرض ـ حمانا الله وإياكم ـ لابد له من النوم ـ ساعة على الأقل ـ ما بين الحادية عشرة ليلا والثالثة صباحا.. في الظلام!
ناموا ليلا؛ من أجل حياة صحية آمنة وخالية من المتاعب، ولا تُصدقوا عمر الخيام حينما قال: "فما أطال النوم عمرا، ولا قصر في الآجال طول السهر"!