المتابع لفريق الأهلي الأول هذا الموسم يلحظ أن شخصية الفريق البطل تزيد من مباراة إلى أخرى، وهي مؤشر على أنه وصل مرحلة أدار فيها ظهره للماضي.
ما أعنيه بالماضي، ليس ماضي الأهلي الجميل كـ"بطل" لا يجارى في عقود ماضية خلال حقبة السبعينات وبداية الثمانينات الميلادية، يومها كانت الصحافة تطلق على الأهلي "فريق الأحد عشر كوكبا".
وحتى لا يعتقد البعض أنني أتحدث عن غياب أهلاوي عن البطولات ومنصات التتويج طوال هذه السنوات، فقد كان الأهلي حاضرا، ولم يغب عن "المنصة"، بل كان صديقها الدائم في بطولات الكؤوس المختلفة.
لكن الحديث و"الحدث" هو أن الأهلي أعلن هذا الموسم عن عزمه استعادة مكانه الذي كان هو "أوّل" من عرفه، عندما توّج بلقب "الدوري العام" عام 1989، ليسجّل أولوية لم يسبقه إليها ناد آخر.
وإذا كان هناك أندية تفتخر بتاريخها، فالأهلي في مقدمتها، وإذا افتخر ناد ببطولاته ومنجزاته، فليس هناك من يستطيع أن يصل "أرقام الأهلي" على مستوى كرة القدم، وكافة الألعاب، وإذا كان الحديث عن النادي الشامل، فإن الجميع سيتقهقرون أمام "قلعة" الرياضة السعودية.
ليس هذا "كلام غزل" في النادي الأهلي، لكنها الحقيقة القائمة فيه، وهناك فرق بين أن تكتب أنت تاريخك بيدك، وأن يكتب غيرك التاريخ بطرق أخرى، فهل عرفتم الفرق بين الأهلي وغيره؟.
عندما تلتقي أنصار الأهلي، تجد نفسك أمام جمهور مثقف، يثني على العمل الذي يقوم به مسيرو النادي لأجل ناديهم، ويثقون كثيرا بفريقهم ولاعبيهم، ويرفضون تمييز لاعب على آخر، ويعرفون دورهم والمطلوب منهم.
تلك هي قصة الأهلي الحديث، والنادي الذي أعلن قبل أيام عن فكرة إنشاء شركة، في خطوة استباقية لمشروع الخصخصة المزمع تنفيذه خلال السنوات المقبلة، حيث توزيع الأدوار والمهام، حتى بات المشجع العادي في النادي "الملكي" يلعب دورا مهما في مسيرة ناديه.
ويكفي أن يخرج من مدرج الأهلي "نشيد" بات "قصيدة" تغنى في المدرج الأخضر، ويرددها المعلقون، ويصدح بها اللاعبون قبل المباريات وبعدها، وهذا ما عزز العلاقة بين المشجع واللاعب، لتتحول إلى "التزام" يؤديه اللاعبون بعد كل مباراة.
داخل الملعب لم يقصّر اللاعبون، وهذا ما أكدوه أمام الاتفاق في مباراتهم الأخيرة، لكنهم كانوا خارج الملعب أكثر روعة وجمالا، حيث أكدت دعوة مدافعي الفريق كامل الموسى وكامل المرّ لزملائهما لحضور مأدبة عشاء أقاماها لهم، بعدا آخر، حضرت معه "الأسرة الواحدة".
إنه مشهد آخر لـ"أهلي 2012"، الذي قدم لنا كامل الموسى ـ أفضل مدافع محلي ـ، وصاحب الدور القيادي داخل الملعب، والنجم الذي حمّلوه خسارة المنتخب، وخروجه من تصفيات كأس العالم ـ لأنه فقط لا ينتمي إلى ذلك النادي ـ، وهذا أخطر ما يواجه كرة القدم السعودية.
بل لا أبالغ إن قلت إن دفاع الأهلي هو الأفضل على مستوى دفاعات الفرق الأخرى، بوجود هذا الرباعي الذي انضم إليه عقيل بلغيث، الذي يعد إضافة للخط الخلفي، كتأكيد على عمل مخلص يتم من داخل النادي وخارجه.
بقي أن أشير إلى أن ما يحدث في خط هجوم الأهلي بين "عماد وفيكتور"، لم يحدث بين "روني ورونالدو" يوم كانا يلعبان سويا في المان يونايتد، فتعاون الاثنين وحالة الإيثار التي يفعلها كل منهما مع الآخر، جعلت منهما كبيري الهدافين في ناديهما وفي الدوري السعودي.
هنا يصنع عماد ليسجل فيكتور، وهنا يصنع فيكتور ليسجل عماد، وفي النهاية يصنع فريق كامل هدف الأهلي الكبير، بقيادة المايسترو "تيسير"، ومساعده "كماتشو"، وضابط الخط الخلفي "كامل الموسى" وبقية النجوم.