انخفض حجم واردات المملكة من المواد الغذائية بنسبة 23% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري في ظل النمو الكبير في الطلب المحلي على السلع والأغذية الأمر الذي اعتبره العديد من الاقتصاديين غريباً، فيما ارتفع حجم وارداتها من مواد البناء بنسبة 21% خلال نفس الفترة بسبب تسارع وتيرة أعمال الإنشاءات في البلاد.

واستوردت المملكة التي تستورد ما يقارب من ثلثي حاجاتها الغذائية من الخارج، عن طريق موانئها البحرية مواد غذائية يبلغ حجمها 4.83 ملايين طن خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري مقارنة بنحو 6.23 ملايين طن في الفترة نفسها من العام الماضي بحسب ما أوضحته بيانات حديثة للمؤسسة العامة للموانئ اطلعت عليها "الوطن".

وخلال نفس الفترة استوردت المملكة مواد إنشائية يقدر حجمها بنحو 4.66 ملايين طن بارتفاع عما تم استيراده خلال نفس الفترة من العام الماضي عندما بلغت ورادات المواد الإنشائية 3.86 ملايين طن.

وشكلت واردات المملكة من المواد الغذائية ومن مواد البناء نحو نصف واردات المملكة خلال نفس الفترة التي بلغ حجمها الإجمالي 19.9 مليون طن.

وجاءت الزيادة في واردات مواد البناء متوقعة في ظل خطة الإنفاق الحكومية الضخمة التي أعلنت عنها المملكة في عام 2009 التي بموجبها سيتم استثمار 400 مليار دولار (1.6 تريليون ريال) حتى عام 2015 في البنية التحتية للمملكة. كما شهدت أعمال البناء في المملكة هذا العام نمواً كبيراً في ظل زيادة الطلب على الوحدات السكنية التي من المتوقع أن تزيد خلال السنوات المقبلة بنحو 500 ألف وحدة أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مارس الماضي.

أما التراجع في حجم المواد الغذائية المستوردة فقد كان أمراً محيراً للعديد من الاقتصاديين الذين تحدثت إليهم "الوطن" أمس خاصة وأن الطلب المحلي ازداد هذا العام بسبب الزيادة في السكان الذين يزيدون في كل عام بمعدل أكثر من 2.5% بحسب الإحصاءات الرسمية للدولة.

وقال كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري الدكتور يارمو كويتيلاين إن الانخفاض هذا العام مقارنة بحجم الواردات في العام الماضي قد يكون بسبب توجه بعض التجار إلى الاستفادة من الأسعار المنخفضة التي شهدتها الأشهر الأولى من خلال شراء كميات أكبر وتخزينها في المستودعات وهو ما جعل حجم الطلبات يبدو كبيراً العام الماضي ومنخفضاً هذا العام.

أما كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفاكياناكيس فقد أوضح في تصريحه أنه لا يوجد سبب مقنع أو منطقي للانخفاض في واردات الأغذية، متوقعاً أن يكون السبب هو ارتفاع تكاليف الغذاء هذا العام أو أن يكون هناك مخزون كبير من العام الماضي عند التجار تم ضخه في الأسواق هذا العام بدلاً من الاستيراد المباشر لحاجات السوق المحلية.

وقال: "لقد كانت الأسعار منخفضة العام الماضي ويبدو أن التجار زادت مخزوناتهم في تلك الفترة، أما هذا العام فنظراً لأن أسعار الغذاء ارتفعت عالمياً فهناك عزوف من قبل التجار عن شرائها وتخزينها".

وأضاف: "هذا هو التفسير الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه حالياً خاصة وأن معدل التضخم في أسعار الأغذية انخفض خلال الأشهر الأولى من العام الجاري وهو دليل على أن الأغذية متوفرة في السوق وإلا لزادت الأسعار مع تقلص المعروض من الأغذية".