انطلقت مساء أول من أمس فعاليات الدورة الـ33 للموسم الثقافي الدولي لأصيلة بمشاركة ثلة من الشخصيات المرموقة من عالم الفكر والثقافة والسياسة والاقتصاد والإعلام وفعاليات المجتمع المدني.

وتتميز هذه الدورة باستضافة دولة الكويت، التي تحتفل بذكرى استقلالها الـ50 كضيف شرف، وخصصت لها فعاليات مهمة للتعريف بتراثها الفني والاجتماعي والفكري وإسهاماتها في بناء الثقافة العربية.

ويناقش موسم أصيلة الدولي عدة ندوات من بينها "انحسار دور النخب مع حركات التحديث العربية"، و"الإعلام العربي والأفريقي: صورة الواحد في إعلام الآخر"، و"الصناديق الخليجية والتنمية البشرية المستدامة"، إضافة إلى ندوة "الحركة الأدبية في الكويت خلال نصف قرن".

وقد اختارت جامعة المعتمد بن عباد الصيفية، التي تعقد هذه السنة في إطار موسم أصيلة دورتها الـ26، موضوع "الهجرة: بين الهوية الوطنية والهوية الكونية" لافتتاح سلسلة ندواتها وملتقياتها.

وقال الرئيس السابق لجمهورية غانا جون أجيكيم كوفور، في كلمة بهذه المناسبة: إن أهمية الهجرة والحركات الإنسانية كظاهرة واكبت التاريخ الإنساني على مر العصور وساهمت بشكل كبير في تطور الدول. كما دعا إلى حل المشاكل المرتبطة بالهجرة عبر الاعتماد على مبادئ التنمية المشتركة والتعاون بين بلدان الشمال والجنوب مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح دول الاستقبال ودول المصدر.

من جهته، أشار الوزير المكلف بالجالية المقيمة بالخارج محمد عامر إلى وجاهة اختيار هذا الموضوع، وهو ما يجسد الاهتمام العالمي بقضية الهجرة، مذكرا بالدور الهام الذي اضطلعت به هذه الظاهرة الاجتماعية في بناء الحضارات والتبادل الثقافي والتقارب بين الشعوب. كما أبرز المكانة المهمة التي تحتلها الثقافة كعامل مساعد على الاستقرار وميسر لاندماج المجموعات الإنسانية المهاجرة، مضيفا أن بلدان المصدر والاستقبال يتعين ان تنسق جهودها من أجل الاستفادة من التبادل الثقافي الذي يحدثه المهاجرون.

في هذا الصدد، ذكر عامر بتجربة المغرب في مجال إحداث مراكز ثقافية بالخارج تمكن مغاربة المهجر من البقاء متمسكين بهويتهم وقيمهم الحضارية وتراثهم الثقافي، كما تتيح أيضا لمجتمعات بلدان المهجر فرصة التعرف أكثر على مغرب الانفتاح والتسامح والتعددية الثقافية.

من جانبه، أكد رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة على أن الظاهرة تفاقمت خلال السنوات الأخيرة بالفضاء المتوسطي وأعادت طرح مجموعة من الأسئلة الشائكة من قبيل الهوية والخصوصية الثقافية لدول الاستقبال واندماج المهاجرين. وأشار إلى أنه عوض الإجابة على بعض هذه الاسئلة، تم تسجيل بعض الممارسات العنصرية والأفكار الإقصائية بلغت أحيانا إلى حد استعمال العنف.

واعتبر أن موسم أصيلة في دورته الثالثة والثلاثين يشكل فرصة لفتح حوار من أجل استعادة الجوانب الإيجابية للهجرة، وهي الظاهرة التي عرفها اللبنانيون منذ أزيد من قرن حينما تدفقت حركات هجرة كبرى من هذا البلد المتوسطي نحو العالم.

وشدد وزير الخارجية الأرجنتيني السابق خورخي تايانا على أن الهجرة تشكل موضوعا يحظى باهتمام عالمي ويثير انتباه مجموعة المتدخلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين نظرا لتأثيراته المتبادلة بين دول المصدر والاستقبال. وتطرق في هذا الشأن إلى أن الأرجنتين بلد تأسس على الهجرة ويحمل سكانه نظرة إيجابية عن هذه الظاهرة باعتبارها عاملا للتنمية والتبادل الثقافي وإنتاج الثروات.