هم مجموعة ممن امتلكوا مهارة الكتابة، في فن الإقناع مرة والاستجداء تارة أخرى، يعلمون من أين "تؤكل الكتف" ويقال عنهم إنهم يعرفون كل مدخل ومخرج في القضايا التي يتناولونها، ويساهمون في حل الكثير من تعقيدات العمل الحكومي ويفرجون عن مكنونات الصدور، ويسعون إلى إيصال الهم إلى من يهتم.
"المحامي غير المتوج" لقب أطلقه بعض زبائنهم نظراً لقلة تحصيلهم العلمي الذي لا يتعدى الثانوية العامة في أحسن الأحوال، في حين لا يتجاوز تعليم بعضهم المرحلة الابتدائية، رغم زعمهم أن الحياة هي من علمتهم وهي مدرستهم الكبرى.
تختلف أسعارهم باختلاف "الطالب والمطلوب"، وتزيد بحجم العمل المراد إنجازه. لا تخلو دائرة حكومية منهم، تجدهم قبالة أبوابها مصطفين بآلات الكتابة القديمة منها والحديثة بعد أن أدخلوا التقنية في علمهم.
وفي بلد تجاوز عدد المقيمين فيه العشرة ملايين حسب آخر إحصائية، لم تخل مهنة من المهن من تواجد الوافدين فيها، سوى مهن نادرة كانت "كتابة المعاريض" أبرزها.
ويرى ممتهنوها أن معرفتهم بأسرارها هي ما احتفظ لهم بسعودتها، إذ يشير محمد العابدي إلى أن أسرار هذه المهنة تكمن في معرفة ما يريده أصحاب المعاملات المتعطلة وأهل الظروف الخاصة، بعد أن يتمكن "ابن البلد" من فهم الأنظمة ومعرفة الثغرات وكذلك فهم الحالة النفسية لأهل الخير وما الذي يؤثر فيهم في حالة اتجه المعروض لطلب معونة مالية.
من جهته، يرى بندر خواجي أن النجاح فيها يتعلق بلباقة كاتب المعاريض وحسن تصرفه ومعرفته لما يريد صاحب الطلب. ولفت إلى أن هناك معاريض جاهزة لا تتعدى قيمتها عشرة ريالات وتكون في الغالب أمام الدوائر الحكومية، ودورهم هو تعبئة البيانات للمراجعين الذين لا تواجههم أية مشاكل، مشيرا إلى أن الأسعار تختلف حسب طول المعروض وأهميته والمشورة التي يقدمها كاتب المعروض للزبون.