بعد 6 سنوات و4 أشهر و16 يوماً على الجريمة أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري قرارها الاتهامي أمس، متضمناً أسماء أربعة عناصر من حزب الله، فيما تحدثت معلومات غير رسمية عن أسماء أخـرى ليس بحقها مذكـرات جلب، بعضها يعود لمواطنين سوريين.

وجاء في بيان صادر عن المحكمة من مقرها في لاهاي بهولندا أن "قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين صدق في 28 يونيو 2011، قرار اتهام في قضية اغتيال رفيق الحريري وآخرين، وأحيل هذا القرار مـرفقاً بمذكرات توقيف إلى السلطات اللبنانية في 30 يونيو 2011".

وأشار إلى أن هذا الإعلان يعقب إعلان السلطات اللبنانية تسلمها قراراً اتهامياً مصدقاً، وأمهلت المحكمة الحكومة اللبنانية 30 يوماً للرد على القرار.

وفيما اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري أن نهاية زمن القتلة بدأت، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

وكانت الحكومة اللبنانية الجديدة قد أقرت أمس بيانها الوزاري الذي تجنبت فيه أي إشارة إلى التزام التعاون مع المحكمة الدولية.

وفور شـيوع نبـأ تسـليم القرار أنـزلت قيادة الجـيش أعداداً من الجنود والدوريات إلى شوارع بيـروت تحسـباً لأي ردود فعـل أو دخول أي عوامل تخريبـية، كما سارع وزير الداخلـية مـروان شربـل إلى طمأنة اللبنانيين وقال: إن الوضع الأمني جيد ولن يحصل أي شيء على الأرض.




دخل لبنان في منعطف سياسي وقضائي وأمني خطير مع تسلم القضاء اللبناني القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري تزامنا مع إقرار الحكومة الجديدة لبيانها الوازري ومن ضمنه بند المحكمة الدولية. وتضمن القرار الاتهامي أسماء 4 عناصر من حزب الله مطلوبين للجلب، وهم: مصطفى بدر الدين وعبد المجيد غملوش وسليم عياش وحسن عيسى (اسمه الاصلي حسن عنيسي)، فيما تحدثت معلومات غير رسمية عن أن عدد الأسماء الواردة في القرار أكثر من أربعة ولكن ليس بحقها مذكرات جلب وبعضها تعود لمواطنين سوريين. وأمهلت المحكمة الحكومة اللبنانية 30 يوما للرد على القرار. وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ردا على القرار الاتهامي إن الحكومة ستتعامل بواقعية معه، موضحا "أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته".

وكان وفد من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان توجه إلى مكتب مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا وسلمه القرار الاتهامي الذي يتألف من 163 صفحة ويتضمن 4 مذكرات توقيف، بعد أن كان قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين في لاهاي قد صادق على القرار الاتهامي المقدم من مدعي عام المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار.

وفور شيوع نبأ تسليم القرار بدأت سلسلة اتصالات على كافة المستويات السياسية والأمنية والعسكرية لمواجهة أي تداعيات محتملة في الشارع كما على مستوى الأمن. وفي إجراء احترازي لجأت قيادة الجيش اللبناني إلى إنزال أعداد من الجنود والدوريات المؤللة إلى شوارع بيروت تحوطا من حصول أي ردات فعل أو دخول أي عوامل تخريبية. وشوهد مئات الجنود يتخذون مواقع لهم في النقاط الحساسة والتقاطعات الاستراتجية في العاصمة، إلا أن وزير الداخلية مروان شربل سارع إلى طمأنة اللبنانيين وقال إن "الوضع الأمني جيد ولن يحصل أي شيء على الأرض بموازاة صدور القرار الاتهامي"، وقال: "القرار الظني هو مجرد قرار ظني وليس حكماً نهائياً، فلماذا افتعال الضجة حول تنفيذ انتشار أمني على الأرض وكأن شيئاً ما سيحصل". وأضاف: "كل شيء سيكون طبيعياً بموازاة صدور القرار الاتهامي، ولن يحصل أي شيء على الأرض أبداً، والوضع الأمني جيد".

وسارعت الجهات السياسية والقضائية إلى قراءة أولية في أبعاد تسليم القرار ونتائجه وكيفية تنفيذه. ولوحظ أن معظم القانونيين المهتمين بالملف أكدوا أن لبنان لا يستطيع تجاهل القرار وعليه تنفيذ ما ورد فيه بحسب ما التزم به في السابق. وقالت مصادر حكومية لـ"الوطن" إن الحكومة سوف تتحمل مسؤوليتها في هذا الخصوص وتتخذ الموقف المناسب الذي يحفظ الاستقرار الأمني والسياسي وفي كافة المواقع من دون أن يشكل ذلك صداما مباشرا مع المجتمع الدولي.

وقالت مصادر قضائية معنية بالملف إن تنفيذ ما ورد في القرار من مسؤولية النيابة العامة التنفيذية التي تملك سلطة تحريك قوة أمنية تابعة لها لتوقيف الوادرة أسماؤهم في القرار فإذا عجزت عن ذلك توجهت إلى المراجع الأعلى للمساعدة كمثل الاستعانة بقوى الأمن الداخلي أو ما شابه من القوى الأمنية اللبنانية.

وفي ردود الفعل على صدور القرار أعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن "صدور القرار الاتهامي يشكل لحظة تاريخية مميزة لكل لبنان". واعتبر أنه "لا حجة لأحد في الهروب من هذه المسؤولية، فنهاية زمن القتلة قد بدأت وبداية زمن العدالة أوشكت".

ورأى في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، أن "لبنان انتصر للعدالة الدولية وانتصرت العدالة لأرواح الشهداء". ولفت إلى أنه "على الحكومة التعاون مع المحكمة وعدم التهرب من ملاحقة المتهمين". وتابع "أجدد العهد بأن أبقى معكم أمينا على رسالة الشهيد".

وبالتزامن مع صدور القرار الاتهامي، أعلن وزير الاعلام وليد الداعوق بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أمس أن المجلس أقر البيان الوزاري بصيغته النهائية بعد التداول، وشمل البيان ملف المحكمة الدولية حيث أكد على متابعة عمل المحكمة الدولية واحترام القرارات الدولية والتشديد على ثلاثية الشعب والمقاومة والجيش. وسارعت قيادات في المعارضة إلى انتقاد صيغة المحكمة الدولية التي اعتمدتها الحكومة في بيانها الوزاري ووصفتها بأنها تلاعب بالألفاظ.