في سبق محمود ثمنت الأجهزة الحقوقية والعدلية دعوتها للمشاركة في مؤتمر القضاء العسكري الذي نظمه بنجاح ديوان المحاكمات العسكري بوزارة الدفاع، حيث كانت مشاركة كل من وزارة العدل وديوان المظالم وهيئة التحقيق والادعاء العام وجامعة نايف والمعهد العالي للقضاء ومركز القانون السعودي للتدريب وهيئة حقوق الإنسان إضافة كبيرة وهامة للمؤتمر، حيث جمعت كل ما يتعلق بالقضاء العام والمدني مع القضاء العسكري، فكان المؤتمر أشبه بمناظرة قانونية فقهية عن خصائص كل قضاء بما فيها التدريب والتأهيل كضمانة أساسية للقضاء العسكري والمدني على حد سواء، وهذا كان محل تقدير وامتنان كبير من قبل ممثلي القضاء العسكري في دول مجلس التعاون الذين أبدوا الإعجاب الملحوظ ليس فقط بالتنظيم والاستضافة بل وبالجوانب العلمية والمهنية والموضوعية في البرنامج العلمي للمؤتمر والمتحدثين ومكانتهم في مجال القضاء والحقوق والعدل وأيضاً لموضوعاتهم التي طرحت في أوراق العمل التي كانت مفيدة وقيمة وتعتبر مرجعية في موضوعها. وقد تم استعراض خصائص وسمات نظام العقوبات العسكري والتي تتلخص في إنشاء ديوان المحاكمات العسكري باعتباره الجهة المختصة لمحاكمة العسكريين المتهمين بالجنح والجنايات العسكرية من أفراد وضباط وأمراء الأركان ومنسوبي الجيش بمن في ذلك المتقاعدون، وكل شخص يرافق الجيش إلى ميادين القتال والمعسكرات. والتأكيد على الفصل بين الإحالة وصدور الحكم ومناط ذلك هو أن الآمر الذي يأمر بإحالة القضية إلى ديوان المحاكمات لا يجوز أن يكون رئيساً للديوان أو عضواً فيه حين النظر في القضية المحالة بتوقيعه أو بأمره.

وكذلك عدم خضوع المحكمة للقادة عند محاكمتهم ويعني ذلك أن قادة الجيش والفيالق والفرق الذين يتهمون أثناء قيامهم بالقيادة ويحالون إلى ديوان المحاكمات لا يجوز أن يتولى محاكمتهم رئيس أو عضو في الهيئـة مربوط بهم أو منسوب إلى إمرتهم أو تحت قيادتهم.

وأن المحاكم الشرعية (العامة) هي صاحبة الولاية العامة في الجنايات والجنح الشخصية وتشمل القتل والجروح والسرقة وكل ما هو ضمن الحدود وكذلك الحقوق الشخصية، ويحال أمر محاكمة المتهمين بهذا النوع من الجرائم إلى المحاكم الشرعية (العامة). وأن للقائد الأعلى أو وزير الدفاع حق إقرار الحكم المرفوع من ديوان المحاكمات كل فيما هو ضمن اختصاصه، كما له حق تخفيض الجزاء أو تخفيفه أو توقيفه حسبما تقتضيه وجوه المصلحة الحكومية في ذلك.

وأن الاختصاص القضائي لديوان المحاكمات العسكرية هو بالجرائم العسكرية فقط دون غيرها بالإضافة إلى تطبيق الجزاءات الإرهابية والتأديبية (الانضباطية).

وكانت خلاصة ما انتهى إليه المؤتمر من توصيات أو ملاحظات من وجهة نظرنا هي:

1) التأكيد على ضرورة وأهمية استقلال القضاء العسكري في الجرائم العسكرية والجزاءات التأديبية والانضباطية دون غيرها من الجرائم بمختلف أنواعها.

2) أن نظام العقوبات العسكري للجيش العربي السعودي بالرغم من أنه أقدم الأنظمة المعتمدة في المملكة إلا أنه يعتبر من الأميز على مستوى العالم، ولا يحتاج إلا لتطوير يتوافق مع تطور أساليب الاتصالات والتطورات التي طرأت على الأسلحة وكذلك المبادئ القانونية العامة في توصيف وتحديد بعض الجرائم.

3) التأكيد على أهمية وضرورة برامج التدريب والتأهيل القانوني والنوعي المتميز والتطوير المستمر لأعضاء الادعاء والقضاء في القطاع العسكري لأنه من أهم ضمانات حصانة التقاضي لأفراد القوات المسلحة السعودية.

4) تكثيف برامج التوعية والثقافة الحقوقية لجميع أفراد القوات المسلحة بشكل دائم ومستمر بما فيها من تعزيز الانضباط والأداء العسكري للأفراد الذي ينعكس على أدائهم العسكري وسلوكهم داخل المجتمع المدني وبما يعكس أثرا إيجابيا للقوات المسلحة وأفرادها من الجيش العربي السعودي على الوطن والمجتمع والمواطن.

5) استمرار عقد المؤتمرات الحقوقية والقضائية التي تحتوي على تبادل الخبرات والتجارب وتنوعيها في مختلف مناطق المملكة لتعميم الأفكار والمبادئ السامية والهامة المنصوص عليها في نظام محاكمات أفراد الجيش العربي السعودي لتعم الفائدة أيضاً على المجتمع المدني وقضائه المدني والجزائي.