اليوم 8 من مارس، وهو اليوم العالمي للمرأة التي يتم الاحتفال بها وتكريمها ودعم حقوقها عالميا بمختلف المجالات، كون المرأة في العالم كانت وما تزال ضحية الثقافة العنترية أقصد"الذكورية" التي سلبت حقوقها، وخاصة في المجتمعات الفقيرة والعالم الثالث، وهو أمر واقعي ولا يُمكن إنكاره، ولكن ورغم أني من أكثر المطالبات بحقوق المرأة إلا أنني دائما ما أعلنُها بأني ضد تحديد يوم عالمي للمرأة، لأنه نتاج لتفكير ذكوري، يحتفل بها من عام لآخر كي يُعزز ضعفها، ومهما تقدمت وأنجزت فهو لا يراها تُحرك ساكنا! كيف؟ الإجابة بسيطة، فكلما احتفلنا بهذا اليوم أعدنا للذاكرة الإنسانية أن المرأة ضعيفة ومسلوبة الحقوق، بالرغم من أنها اليوم حققت الكثير من الإنجازات العالمية بمختلف المجالات العلمية والسياسية والفكرية والاجتماعية. وللموضوعية، فكما أن المرأة ضحية الجهل والفقر والمجتمعات الذكورية، فالرجل أيضا ضحية لذلك! وإن كان الهدف نبيلا لهذا اليوم، فلماذا لا نرى يوما عالميا يحتفل بالرجل ويُكرمه وينادي بحقوقه؟ ما دمنا ننادي بالمساواة!
وبرؤية واقعية أكثر، ففي المجتمعات الذكورية التي تُعتبر فيها المرأة ضحية لثقافتها بهضم حقوقها، هي أيضا حققت فيها إنجازات عظيمة، وإن كان على المستوى الدولي أكثر منه داخليا، إذن المرأة نفسها أول من يتحمل المسؤولية كضحية حين تنازلت عن حقوقها، وباختصار، هي لا تحتاج ليوم واحد في السنة يتم اختصارها فيه، حيث تكريمها والإشادة بإنجازاتها بالوقت الذي يعزز أنها ضعيفة مسلوبة الحقوق! إنها على مدى العام تحقق إنجازاتها، وعلى مدى أيام السنة تُطالب بحقوقها أيضا.
ما يُزعجني، أنه مع الأسف يتم نسيان حقيقة هذا التاريخ (8 مارس) كثيرا، فهو يوم يُعلن قوة المرأة السياسية ضد الاستبداد الذي لم يستطع الرجال مواجهته بداية القرن الماضي؟ أتعلمون أن في هذا اليوم عام 1917استطاعت المرأة الروسية تغيير وجه تاريخ روسيا؟ لقد خرجت مئات الآلاف من الروسيات إبان الحرب العالمية الأولى ضد القيصر إلى الشوارع بشعار"الخبز والسلام" معترضات على الحرب التي خسرت فيها روسيا مليوني جندي جوعا وبردا، وكانوا من أزواجهن وأبنائهن، فواجهن الشرطة التي وقفت عاجزة أمامهن، وخلال أربعة أيام، استسلم القيصر، وتولت حكومة مؤقتة بدلا عنه، وقد أعطت المرأة الروسية حق الاقتراع لأول مرة في تاريخها، لما لها من دور في سقوط حكم الظلم القيصري بروسيا التي تعرفون مساحتها! هذه هي المرأة باختصار، فلماذا تحول هذا اليوم إلى "دندنة" بضعفها؟ سوى أنه التفكير الذكوري الذي أراد محو تاريخها المجيد ليُذكرها من عام لآخر بأنها مهضومة الحقوق ومسلوبة وضعيفة، فيما هي واجهت" الاستبداد السياسي"! لهذا أنا ضد هذا اليوم، وإلا فلنحتفل بيوم للرجل ننادي فيه بحقوقه التي سلبتها ذات الثقافة ونكرمه على إنجازاته، ألا يُعاني من استبداد "الذكورية" حين حملته فوق طاقته وحولته لضحية أخرى بجانبها!؟