بلايين من الريالات صُرفت ومازالت تُصرف من ميزانية الدولة لحساب رعاية الشباب. ومن يتابع تاريخ تطور الأنشطة الشبابية يلحظ أن هناك تطوراً كبيراً في مجال البنية التحتية للألعاب الرياضية من خلال إنشاء الملاعب الرياضية المنتشرة في معظم مناطق ومدن المملكة رغم محدودية استخدامها للمباريات الرياضية بين الأندية الرياضية المسجلة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وتستخدم أحياناً في المناسبات الوطنية والاحتفالات الشعبية ومناسبات المسؤولية الاجتماعية، ورغم جميع الجهود المشكورة التي اجتهدت بها الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلا أنها مازالت محدودة في نشاطات معينة وقاصرة في نشاطات عديدة أخرى، فكرة القدم تعتبر وكأنها المحور الأساسي لنشاط رعاية الشباب وذلك حسب قيمة وحجم الإنفاق عليها والذي وللأسف لم يحقق طموحاتنا وتطلعات المواطنين السعوديين فحجم الإخفاق في تحقيق النتائج الإيجابية من اتحاد كرة القدم السعودية يضع علامات استفهام واستفسار على حجم الإنفاق عليها. وبدون الدخول في التفاصيل والتحاليل الرقمية والمالية والتي لا مجال لها في هذه المقالة إلا أن التنويه عنها قد يدفعنا للبحث عنها من مصادرها. إن الذي دفعني لكتابة مقالتي اليوم هو قصور دور الرئاسة في رعاية الشباب السعودي في مدن وقرى مناطق المملكة وهم الفئة المعنية بالرعاية والاهتمام لأن الغالبية من شباب المملكة لا يحظون بخدمات رعاية الشباب مباشرة وقد تكون استفادتهم غير مباشرة إلا أنها غير ملموسة، فأبناء السعوديين في القرى والهجر والمدن يعانون من فراغ كبير في أيام الإجازات الرسمية وعلى رأسها إجازة فصل الصيف حيث يبحث الشباب عن ملاذ لهم لشغل وقت الفراغ الكبير والذي لم تستطع بيوت الشباب ومراكز الرعاية الشبابية من تقديم الأنشطة المناسبة التي تخدم جميع الفئات بمختلف رغباتهم. إن حجم الطلب على الأنشطة الرياضية والترفيهية للشباب السعودي أكبر كثيراً من حجم الخدمات الشبابية المقدمة من رعاية الشباب، وإن طبيعة الأجواء الصيفية الصحراوية الحارة جداً في معظم أنحاء المملكة تحرم الملايين من الشباب من ممارسة هواياتهم وأنشطتهم في الملاعب اللائقة والتوجه إلى الملاعب العشوائية المفتوحة وغير المؤهلة للاستخدام الشبابي، وغياب الملاعب الرياضية المغلقة في الأحياء السكنية وفي القرى يدفع الشباب إلى البحث عن البدائل في الشوارع والمقاهي وفي غياب برامج تبادل الثقافات الشبابية بين شباب المملكة وشباب العالم المتقدم من خلال الرحلات الشبابية الصيفية للاطلاع على تقدم الأمم في العالم الأول في مختلف المجالات العلمية والصناعية والثقافية والسياحية والرياضية وتبادل الفكر والمعرفة مع شباب العالم المتقدم وشباب العالم الإسلامي في غياب كل ذلك تزداد المعاناة للشباب. مؤكداً أن لعبة كرة القدم ليست هي ممثل الشباب السعودي في الخارج رغم أنه لدينا من الشباب السعودي من هو فخر لنا أن نقدمهم للشباب العالمي. إن قضية الفراغ للشباب السعودي في الإجازات تعتبر إحدى القضايا التي تحتاج إلى تخطيط وتنظيم لاستيعابهم في أنشطة تعود بالنفع عليهم وعلى مجتمعنا وتساهم في رعاية الشباب لتحقيق تطلعاتهم. وهذا يدفعني لمطالبة القائمين على رعاية الشباب في المملكة بإعادة تطوير خططهم وإعادة هيكلة ميزانيتهم وتوجيهها للأنشطة الشبابية بمختلف أنواعها وعدم تركيز ميزانية الرعاية على كرة القدم فقط .

إن فكرة إنشاء النوادي الرياضية في كل حي سكني وفي كل مدينة هي فكرة، وإن كانت تكاليف تحقيقها كبيرة ، لكن فائدتها على المدى الطويل أكبر . إن غياب أندية الشباب المغلقة في الأحياء يدفع الشباب إلى قضاء أوقاتهم بممارسة أنشطتهم في الشوارع والأراضي المكشوفة تحت حرارة الشمس في الصيف أو التسكع في الأسواق التجارية وغيرها من الأماكن غيراللائقة، وإذا كانت فكرة بناء نوادي الشباب في الأحياء والمدن والقرى تحتاج إلى دراسة وميزانية وفترة طويلة للإنشاء فإن الفكرة البديلة حتى يتم البناء هو قيام رعاية الشباب بالتنسيق مع الجامعات والكليات الجامعية والمدارس النموذجية العامة والخاصة لاستئجار النوادي الرياضية والترفيهية التابعة لهم وهي فرصة لاستخدام أندية ومراكز ترفيه مجهزة أفضل تجهيز ولكنها معطلة فترة إجازة الصيف ويمكن استغلالها مقابل إيجار مجز مدفوع من الرئاسة العامة لرعاية الشباب. وبهذا نكون قد أوجدنا البديل، وهي أندية مجهزة ولكن غير مستخدمة وأيضاً أوجدنا دخلا إضافيا لهذه الجامعات والمدارس النموذجية، وهي منتشرة في جميع الأحياء في داخل المدن. وهي فكرة ليست حديثة أو مبتكرة وهي مطبقة في العديد من مدن العالم المتقدم.

إن الدور الكبير للرئاسة العامة لرعاية الشباب بقيادة رئيسها سمو الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز ونائبه سمو الأمير نواف بن فيصل بن فهد يدفعني لطرح هذه الفكرة منطلقاً من حرصهما الدائم على رعاية الشباب السعودي الذي يعاني من فراغ كبير في إجازة الصيف وأخشى أن يتحول هذا الفراغ إلى أعمال سلبية تؤثر على شبابنا ووطننا ولا سيما أن مجتمعنا يعاني من قضية الإرهاب والمخدرات والجرائم الجنائية.

وبهذه المناسبة أدعو القطاع الخاص وعلى وجه الخصوص البنوك والشركات المساهمة والصناعية للقيام بدورهالاجتماعي بتبني بعض من المشاريع الخدمية للشباب في إجازة الصيف للمساهمة مع الرئاسة العامة للشباب في شغل وقت الشباب في الصيف ببرامج وأنشطة ترفيهية وتدريبية وثقافية.

هي أفكار تراود العديد من المخلصين لوطنهم ولشباب بلادهم فهل هناك من يتبنى هذه الأفكار أو تطوير البرامج المقدمة للشباب.