تزدحم برامج (التوك شو) على الفضائيات المصرية الآن بقصة عضو مجلس الشعب، أنور البكليمي، الذي تقدم بشكوى اعتداء بلطجي كسرت أنفه وهشمت بعض عظام وجهه الذي يظهر وقد غطى الشاش الأبيض جل مساحته. لكن الشكوى من أفعال – البلطجية – التي تحولت إلى موضة في الشارع المصري تحولت على النائب وعضو مجلس الشعب إلى كارثة عندما جاء الطبيب وصاحب المستشفى وتقدما ببلاغ للنيابة العامة يفيدان فيه أن عضو مجلس الشعب دخل المشفى سليما يسير على قدميه وكل القصة أنه أجرى باختياره الحر عملية تجميل للأنف ودفع الفاتورة كاملة، وجاء وحده ثم أصر على الخروج من غرفة النقاهة مباشرة إلى بيته. ولم يقف عضو مجلس الشعب عند الكذبة الأولى بل هدد بأخذ الطبيب إلى القضاء لولا أن بعض محامي حزبه الأصل أكدوا له ولزملائه من الحزب أن الفارق هائل في براهين الطب الشرعي ما بين آثار الاعتداء وبين عملية التجميل وأن إثبات الأخيرة سهلة ومحسومة. الحزب سارع فورا إلى فصل النائب من الحزب حفاظا على سمعته مثلما يدرس أيضا التقدم بطلب فصله من البرلمان إذ كيف يكذب نائب الشعب على الشعب.

قرار الحزب قوبل بارتياح عارم من ضيوف البرامج المختلفة وبالطبع، فإن النائب المشار إليه استغل شماعة – البلطجية – التي أصبحت قارب نجاة يرمي عليها الآلاف قصصهم اليومية. النائب – السلفي – وقع في ورطة المنهج فاختار أن يكذب لأنه ظنها أسهل من أن يعترف بعملية تجميل لاعوجاج الأنف، إذ كيف، وهو السلفي، له أن يقول إنها عملية تجميلية.

والقصة بالضبط هي في الخيارات، وكما يشير أحد ضيوف منى الشاذلي على برنامج (العاشرة مساء) فإن هذه الدورة الأولى النزيهة من الانتخابات ليست بأكثر من (تمرين تعبوي) وبعدها من المؤكد أن ذات الشعب سيختبر قناعاته في المرشح في الدورات القادمة وسيكون أكثر حرصا على صوته وعلى من سيعطيه.

وإذا كان – السلفي – من حزب النور هو أول من بدأ الكذبة على الشعب، فكيف بالبقية من أعضاء الأحزاب الأخرى إذا ما قلنا إن السلفي هو آخر من سيكذب. وفي (التمرين التعبوي) لمن يتابع جلسات مجلس الشعب سيكتشف المرء (حلاوة وطلاوة) القصص الجانبية لبعض الأعضاء التي أصبحت فانتازيا يومية. هناك جلسة رسمية للنقاش مثلما يدور في كل برلمان حر نزيه وهناك أيضا (طلعات) بعض الأعضاء الذين يبرهنون أنهم على هامش التمرين، حتى وهو تمرين تعبوي. الانتخابات هي أفضل وسيلة ديموقراطية ابتكرها الإنسان، لكنها بالطبع ليست الأكمل.