خلص المدعي العام إلى المطالبة بتطبيق حد الحرابة على 10 من المتهمين في خلية "الدندني" الإرهابية أو قتلهم تعزيرا، وذلك أثناء نظر المحكمة الجزائية المتخصصة في جدة أمس أولى الجلسات في القضية التي تعتبر من أكبر قضايا الإرهاب بالمملكة وبلغ عدد المتهمين فيها 85 متهما، جميعهم من المنتمين لتنظيم القاعدة الإرهابي، شكلوا خلية عرفت بخلية تركي الدندني، الذي قتل في مواجهة أمنية في منطقة الجوف عام 2004، بعد اشتراكه في التخطيط لثلاثة تفجيرات شهدتها ثلاثة مجمعات سكنية بالرياض.
وطلب 8 متهمين منهم توكيل محامين عنهم من قبل وزارة العدل، في حين اكتفى أحد المتهمين بالدفاع عن نفسه، وطالب أحدهم بتكليف محام من الوزارة إضافة إلى تكليف آخر من قبله.
وكان اثنان من المتهمين عملا كرجال أمن واستثمرا موقعهما للتجسس وتسريب معلومات أمنية، في حين عمل آخر بجسر الملك فهد وأدخل مطلوبين أمنيا مقابل رشوة ومرر لأحدهم أسماء متهمين في القضية.
وتركزت أبرز التهم الموجهة لهم على انتهاج المنهج التكفيري والانضمام لتنظيم القاعدة والعمل ضمن إحدى الخلايا التابعة لتنظيم بزعامة الدندني، بهدف حيازة المواد التفجيرية والسامة لتنفيذ مخططاتهم.
شهدت أروقة المحكمة الجزائية المتخصصة في محافظة جدة، صباح أمس، انطلاق أولى الجلسات في قضية تعتبر من أكبر قضايا الإرهاب التي وقعت في المملكة وبلغ عدد المتهمين فيها 85 متهما، جميعهم من المنتمين لتنظيم القاعدة الإرهابي، شكلوا خلية عرفت بخلية تركي الدندني، الذي قتل في مواجهة أمنية في منطقة الجوف "3 يوليو 2004"، بعد اشتراكه في التخطيط لثلاثة تفجيرات شهدتها ثلاثة مجمعات سكنية، وهي مجمع الحمراء بحي غرناطة، ومجمع إشبيلية الذي يقع على بعد خمسة كيلومترات من مجمع الحمراء، إضافة إلى مجمع فينيل شرق الرياض.
وبدأت الجلسة في العاشرة والربع صباح أمس بحضور ثلاثة قضاة وعشرة من المتهمين يمثلون الدفعة الأولى من إجمالي المتهمين في القضية، وبدأ الجلسة رئيس هيئة القضاء بطلبه من الادعاء العام الذي مثله في هذه الجلسة شخصان ـ بخلاف ما تعارف عليه في القضايا السابقة ـ بقراءة لائحة الدعوى على المتهمين الماثلين في مجلس القضاء، والذين طالب ثمانية منهم بتوكيل محامين من وزاة العدل للترافع عنهم.
سرد التهم
وبدأ المدعي العام بالتعريف بأسماء المتهمين العشرة وإنهم جميعا قاموا بالانضمام إلى تنظيم القاعدة وما يسمى بخلية تركي الدندني وانتهاج المنهج التكفيري وتفجير المباني الحكومية والسطو المسلح على المواطنين، معتبرين المملكة دار حرب ويجوز قتل من يعارضهم في المنهج والفكر، إضافة إلى حيازتهم للأسلحة والمتفجرات والقنابل اليدوية بغية الإفساد في الأرض، فضلاً عن ادعائهم بأن ما يقومون به يندرج تحت الجهاد الشرعي.
وسرد بعد ذلك المدعي العام كافة التهم لجميع المتهمين، حيث بدأ بالمتهم رقم "1" الذي اتهمه الادعاء العام بأنه قام بالانضمام لتنظيم القاعدة والخروج إلى أفغانستان والتدرب على حمل الأسلحة ومقابلة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ومبايعته ونكث بيعته لولي الأمر في المملكة، كما شارك في العديد من الجرائم، منها المشاركة في تفجيرات شركة أرامكو السعودية مع أحد أخطر المنتمين للفكر الإجرامي وهو محمد الغامدي والتستر على بعض المطلوبين في الشروع للقيام بأعمال إجرامية، إضافة إلى تمويل الإرهاب وجمع التبرعات من المواطنين والتغرير بهم بأن تبرعاتهم ستذهب للمحتاجين والفقراء، وتم ضبط 309 كوبونات تبرعات مزورة إضافة إلى تمكنيه لعدد من المطلوبين من استخدام حسابه البنكي وإثباتاته الشخصية بغية التخفي عن أنظار رجال الأمن وتزوير وثائق رسمية لبعض السيارات التي يستخدمها الإرهابيون في التنقل أو الأعمال الإجرامية، إضافة إلى مشاركته في نشر الفكر الإرهابي والتجهيز لعمل إجرامي في المملكة وحيازته لعدد 20 رشاش كلاشنكوف وأربعة مسدسات وذخيرة، إضافة إلى الاشتراك في نقل مجموعة كبيرة من الأسلحة والمتفجرات من الرياض إلى المنطقة الشرقية والاتجار في الأسلحة وبيعها على الخليه الإرهابية والتستر على الخلية التي انضم إليها والتزوير والتستر على أحد المتهمين ـ وهو يعد من أخطر المقبوض عليهم في هذه القضية ـ إضافة إلى إيوائه له في منزل والده لمدة شهر وإعطائه لهذا المتهم جواز سفره الخاص لتزويره وتسهيل دخول بعض المطلوبين إلى المملكة أو السفر منها، إلى جانب التستر على متهمين آخرين في نفس القضية والتدرب على استخدام الأسلحة مع بعض المتهمين وإيوائهم في شقه، إضافة إلى حيازة أسطوانات للفكر الإرهابي. أما المتهم رقم "2" فاتهمه المدعي العام بالانخراط في تنظيم القاعدة ومبايعة أسامة بن لادن وتمويل الإرهاب ونقل بعض الأموال بين عدد من المتهمين في قضايا الإرهاب واختلاس مبلغ 130 ألف ريال من أموال الزكاة التي وصلت إليه أثناء عمله في إحدى المؤسسات الخيرية وخيانته للأمانه وشراء عدد خمسة مسدسات وحيازته لرشاشين من نوع كلاشنكوف من دون ترخيص، إضافة إلى اشتراكه في محاولة تفجير مجمع سكني في مدينة الجبيل الصناعية والتستر على عدد من المطلوبين وتسليمهم جواز سفره لتزويره واستخدام في تهريب المطلوبين.
واتهم المدعي العام المتهم رقم "3" بالانضمام إلى تنظيم القاعدة والتجسس لصالح الخلايا الإرهابية بحكم عمله في جسر الملك فهد الذي يربط بين السعودية والبحرين وإدخاله لبعض المطلوبين أمنيا مقابل رشوة والمصادقة على دخول أشخاص يحملون جوازات سفر مزورة وإخباره لأحد المتهمين في القضية عن أسماء بعض المطلوبين أمنيا وإيصاله ظرفا بداخله مبالغ مالية لأحد المطلوبين ولقائه بأحدهم واستلامه مبالغ رشوة مقابل مساعدته للمطلوبين.
وبعد ذلك بدأ المدعي العام في سرد التهم الموجهة للمتهم رقم "4" الذي قال المدعي العام عنه إنه انضم إلى تنظيم القاعدة، إضافة إلى اتهامه بالتجسس وتسريب معلومات أمنية في غاية السرية بحكم عمله في أمن المنشآت في الخفجي، واستئجاره لشقة في مجمع شقق الروشن بحي المصيف بمدينة الرياض التي نتج عنها مواجهة مع رجال الأمن أصيب فيها ضابطان من المباحث العامة، إضافة إلى اتهامه باستخدام إثباتاته لتهريب بعض المتهمين وتمكين أحد المتهمين من الهروب، إضافة إلى تمويل الإرهاب والإدلاء بمعلومات كاذبة لإدارة الأحوال المدنية في الخفجي لتضليل رجال الأمن.
أما المتهم رقم "5" فقال المدعي العام إنه انضم إلى تنظيم القاعدة واشترك في حيازة الأسلحة والقنابل اليدوية بقصد الاعتداء على الآمنين وإثارة الفساد في الأرض والاشتراك أيضا في المجموعة التي قامت بالاشتباك مع رجال الأمن في مجمع شقق الروشن بحي المصيف والهروب من الموقع مع رئيس الخلية تركي الدندني في سيارته وإبلاغه لأحد المتهمين بحضور رجال الأمن، مما أدى إلى استعداد الإرهابيين لإطلاق النار على رجال الأمن واستئجار شقة لإيواء الإرهابيين بعد هروبهم، والمساعدة في ذلك، حيث قام بدفع مبلغ ثمانية آلاف ريال لاستئجار موقع لايواء الإرهابيين وسلب سيارة أحد المواطنين تحت تهديد السلاح ومساعدته لتهريب أحد المتهمين في القضية نفسها.
المتهم رقم "6" اتهمه بالانضمام لتنظيم القاعدة والشروع في السفر إلى العراق واشتراكه أيضا في مقاتلة رجال الأمن في شقق الروشن، وهروبه من رجال الأمن والتدرب على استخدام الأسلحة مع أحد المتهمين في القضية، وحيازة الأسلحة والمتاجرة فيها والتستر على أحد المتهمين في القضيه الذي اتخذ منزله وكرا للإرهابيين وتخزين الأسلحة، إضافة إلى حيازته على قذيفة "آر بي جي" والتستر على أحد المطلوبين الهاربين من سجن المباحث العامة وتأييد تنظيم القاعدة وحيازة أشرطة واشتراكه من خلال علمه بما شرع التنظيم به في التخطيط لعملية إرهابية والمشاركة في سفر 15 شخصا إلى أفغانستان والمشاركة في تجهيز مجموعة للسفر والتستر على بعض المطلوبين وتمويل الإرهاب بجمع الأموال من حي 91 من مدينة الدمام.
واتهم المدعي العام المتهم رقم "7" أيضا بالانضمام إلى تنظيم القاعدة وخلية إرهابيه تابعة للتنظيم، وقاتل رجال الأمن في شقق الروشن، وحيازته للأسلحة وتهريب أحد المتهمين في القضية واشتراكه مع أحد المتهمين في القضية في شراء الأسلحة، وحيازته لكتب وحقيبة أحد المتهمين والتدرب على الأسلحة والتستر على أحد المتهمين الخطرين في القضية وعلمه بمكان تواجدهم مع أفراد التنظيم.
ووجه المدعي اتهامه للمتهم رقم "8" بالاشتراك في تنظيم القاعدة والسفر إلى أفغانستان واشتراكة في الشروع في قتل رجال الأمن وحيازة الأسلحة والقنابل اليدوية بغرض الإفساد في الإرض وإخفاء كمية كبيرة منها، والتستر على أحد المتهمين، والمشاركة في تهريب متهم آخر وممارسة الاتجار في الأسلحة بكميات كبيرة وحيازته لـ11 رشاشا وتسعة مسدسات وتمويل الإرهابيين من خلال دعم التنظيم بالأسلحة وجمع أموال التبرعات وتسليمها للتنظيم.
واتهم المدعي العام المتهم رقم "9" بالانخراط في خلية إرهابية واشتراكه في مواجهة مسلحة ضد رجال الأمن ومقاتلتهم والهروب من الموقع مع أحد المتهمين في القضية، لذا يعد أيضا من أخطر المطلوبين وحيازة الأسلحة وتدربه على استخدامها وحيازة القنابل اليدوية والذخائر.
واتهم المتهم رقم "10" أيضا بالانخراط في خلية إرهابية والسفر إلى الشيشان مع المدعو صالح العوفي الذي قتل في مواجهة أمنية مع رجال الأمن، إضافة إلى خيانته لبلده بالتجسس واستغلال موقعه الوظيفي كرجل أمن، والمشاركة في قتال رجال الأمن وسلب سيارة مواطن تحت تهديد السلاح واشتراكه في التخطيط لثلاثة تفجيرات في ثلاثة مجمعات سكنية في الرياض، وهي "مجمع الحمراء وإشبيليه وفينيل" وحيازة قنابل يدوية وأسلحة بقصد الإخلال بالأمن في المملكة، والتستر على أحد المطلوبين أمنيا، وإخفاء مبالغ مالية واستخدام أختام للتزوير، وتسريب معلومات لجهات خارجية عن بعض المسجونين في القضية بالاشتراك مع والدته.
اعترافات المتهمين
أكد المدعي العام أن التهم المنسوبة للمتهمين العشرة استندت على اعترافات المتهمين والمصدقة شرعا، إضافة إلى محاضر التحقيقات وشهادات الشهود والتقارير الفنية والمخبرية، مؤكدا أن هذه الفئة هم من الساعين في الأرض فسادا ويعتبرون من المحاربين لله ورسوله وأن من ضمن القضايا التي خطط لها تنظيم القاعدة هو قتل شخصيات مهمة من الأسرة الحاكمة ورجال الأمن، والتواطؤ مع جهات خارجية ضد دولتهم.
وعرج بعد ذلك المدعي العام إلى الأحكام التي طلب أن توقع على المتهمين، وكانت عبارة عن إدانة المتهمين بشكل عام بما نسب إليهم من تهم وتطبيق حد الحرابة وهو القتل لجميعهم وإن تعذر تطبيق حد الحرابة فإنه يطالب بقتلهم تعزيرا وإدانة بعض المتهمين بالتزوير واستغلال النفوذ الوظيفي وحيازة الأسلحة وتهريبها وإخفائها والمتاجرة بها والرشوة لبعض المتهمين واستغلال النظام الوظيفي وتهديد موظف عام ومنعه من أداء عمله، وطالب المدعي العام بتطبيق أقصى العقوبات المنصوص عليها في نظام الأسلحة والمتفجرات ونظام الاستغلال الوظيفي وذلك وفق الأنظمة.
ووجه رئيس الجلسة بعد ذلك الحديث للمتهمين العشرة وأفهمهم بأنهم يحق لهم الحصول على نسخة كاملة من لائحة الدعوى المتضمنة كافة التهم الموجهة إليهم وحقهم الخاص في توكيل محام للدفاع عنهم والرد على التهم سواء كتابيا أو شفهيا وفي حال تعذر على أحد المتهمين توكيل محام للدفاع عنه لعدم تمكنه ماديا من دفع تكاليف المحامي، قال لهم القاضي بأن الدولة ممثلة في وزارة العدل ستتكفل بتكاليف المحامين.
وسأل القاضي كافة المتهمين كل على حدة لمعرفة ما هي مطالبه حيث طالب ثمانية منهم بتوكيل محام عنهم من قبل وزارة العدل، في حين اكتفى أحد المتهمين بالدفاع عن نفسه، وطالب المتهم الثامن بتكليف محام من الوزارة إضافة إلى تكليف محام من قبله.
وكرر المتهمون جميعهم الطلب من رئيس الجلسة أن يمكنهم من الاتصال بذويهم لتوكيل المحامين ومناقشتهم في طريقة التوصل للمحامين، إضافة إلى الحصول على نسخة من لائحة الدعوى في حين طلب المتهمون الحصول على اعترافاتهم التي ذكرت في لائحة الدعوى، وقال لهم القاضي إن هذا الأمر حق لهم وسيتم تمكينهم من ذلك ولكن يتم ذلك في الجلسة التي تخصص لمناقشة اعترافاتهم بشكل كامل.
مشاهدات من قاعة المحكمة
• بدأت الجلسة الساعة العاشرة والربع صباحا.
• مثل هيئة الادعاء مندوبان تناوبا على إلقاء لائحة الدعوى التي استغرقت أكثر من ساعتين ونصف الساعة.
• أكد المدعي العام أن من بين المضبوطات في أوكار الإرهابيين مادة "سبانيت البوتاسيوم" شديدة السمية.
• جلس المتهمون في أربعة صفوف، وساد السكون جنبات القاعة بخلاف صوت المدعي العام.
• في بداية الجلسة طلب رئيس هيئة القضاء إحضار مياه للمتهمين ووضعها أمامهم.
• المتهم رقم 6 استغرق في النوم، ومكث قرابة الساعة وحين انتبه القاضي له طلب إيقاظه وأوقف الجلسة حتى استيقظ، ثم طلب القاضي له زجاجة ماء وتواصلت مجريات الجلسة.
• جميع القضاة في الجلسة قاموا بمراجعة الإثباتات الشخصية لكل المتهمين ومطابقتها مع صورهم.
• طالب المدعي العام بقتل جميع المتهمين العشرة سواء كان حدا أو تعزيرا وإيقاع أقصى العقوبات عليهم جميعا.
• أكد القاضي على المتهمين أن جميع الحقوق النظامية لهم سوف يحصلون عليها، وسيتم استقبال ردود المتهمين بأي شكل يرغبون فيه سواء كتابيا أو شفهيا أو بهما معا.
• طلب جميع المتهمين الحصول على نسخة من اعترافاتهم.
• المتهم رقم 8 قال للقاضي: كيف يطالب المدعي العام بقتلي وأنا الذي سلمت نفسي لرجال الأمن؟. فرد عليه القاضي بأن له الحق أن يقول ما يشاء في دفاعه عن نفسه.
• المتهم رقم 6 قال إن القضية وقعت في وقت كان العديد من المشايخ يحرضون الشباب على الجهاد، فرد عليه القاضي بأنه يحق له قول كل ما يريد في وقت الجلسة المخصصة لسماع دفاعه عن نفسه.
•أحد المتهمين طلب في البداية الترافع عن نفسه فوافق القاضي، ولكنه تراجع وطلب توكيل محام من قبل وزارة العدل.