لسنا كائنات جسدية تمر بتجربة روحية بل على العكس، فنحن كائنات روحية نمر بتجربة جسدية أي إننا كُنّا هناك وأصبحنا الآن هنا، وما سبب تعريف أنفسنا بأننا أولاد هذا المكان أو الزمان فقط، إلا سيطرة الوعي الحسي علينا، والمحدود باستخدام طاقات ضئيلة من وعينا، والذي إذا ما انفتح ليستلهم الوعي الكلي، فسنرى أننا ذوو ارتباطات عميقة بكل شيء، كل ما يحدث في حياتنا، وما يحدث في أجسادنا، هو نتيجة حصول تغيير ما في وعينا. إن وعينا هو ما نحن عليه، وما نختبره في الحياة.
أنت تقرر ما تتقبّله من أفكار معيّنة، وترفض أفكارا أخرى. أنت تقرّر بما تفكّر، وما تشعر به، ولهذه الأفكار والمشاعر تأثير كبير على جسدك الفيزيائي. إن نوعية هذه الأفكار والمشاعر هي التي تحدد مدى الإجهاد أو الارتياح الذي يعاني منها أو يتحلى بها جسدك. نحـن عبارة عـن تجلّيات متباينة للروح الكونية المبدعة وخلال كفاحنا في البحث عن العدل والسلام والخلاص نُعادي بعضنا بعضا، ونُقاتل بعضنا بعضا، ونتعالى على بعضنا بعضا، ونجتهد في تصنيف الآخرين والارتقاء بأنفسنا فوق غيرنا.. والانتماء إلى مجموعات متنازعة.. والدخول في جدالات فارغة والاصطفاف وراء رايات واهية.. وننسى أن هناك حقيقة واحدة.
الحقيقة هي الحقيقة. إننا جميعنا خرجنا من رحمٍ واحد جميعنا إخوة وأخوات، نسرح ونمرح في باحة منزلنا الكبير"الأرض" نحن في النهاية أطفال صغار محدودو الإدراك.. نلعب في باحة المنزل الكبير الذي يؤوينا.. وتكثر فيه الألعاب الممتعة من إيديولوجيات، وعلوم، ومعتقدات.
نمتع بها أرواحنا وفي نهاية النهار، وعند غروب الشمس. نعود جميعاً متسابقون إلى أحضان أمنا الحنونة..المنتظرة عند الباب عدونا هو ذاته، وغايتنا هي ذاتها، وخلاصنا هو ذاته لكن أسيء توجيهنا.. وتم تضليلنا. نحن بحاجة اليوم لصحوة ندرك فيها كيف نستخدم وعينا بذاتنا الحقيقية. كل ما حولنا يشير إلى أننا أكثر منما نحن عليه بكثير. لكننا نتجاهله، ونسير وفق كل ما فرضته علينا الأنظمة الاجتماعية السائدة.
وإذا لم ننتبه لهذا فسوف ينتهي بنا الأمر في سجن صغير جداً، وواقع محدود، وشعور محدود بالممكن والاحتمالية.