سعدت كثيراً وأنا أقرأ أن معالي وزير العدل سيكون ضيف الافتتاح لموسم جامعة جازان الثقافي، وجميل جداً من كلا الجانبين أن تختار الجامعة هذا الاسم وهذا العنوان اللافت، وأن يقبل معالي الوزير هذه الدعوة ليقف أمام تساؤلات الجمهور العريض عن العدل والقضاء، وهو الجهاز الحكومي الذي لا يقف في العادة أمام أسئلة الناس في محاضرة عامة. وسأعترف في بدء شلال أسئلتي التالية أن الموقف ملتبس في السؤال الأول: أين تتوجه أسئلتي، إلى وزارة العدل أم للمجلس الأعلى للقضاء؟ ذاك أنني مثل سوادكم الأعظم، لا أعرف نقطة فاصلة في حدود الاختصاص ما بين الجهازين. هل وزارة العدل هي السلطة العليا التي يعود لها مجلس القضاء، أم إن القضاء ومجلسه سلطة مستقلة لا تقع في خط تماس ملتبس مع جهاز الوزارة؟ أسئلتي لمعالي وزير العدل حول القضاء من خيال حضوري للمحاضرة القادمة ستكون: لماذا يشكو جهاز القضاء منذ عقود من قلة أعداد القضاء ثم يهرب بهذه الشكوى إلى مسالك تبريره بطول فترات المرافعات القضائية ومن ثم تكدس القضايا لازدحامها أمام موارد بشرية من القضاة محدودة العدد؟ ما الذي جعل أعداد القضاة بهذا العدد (التبريري) ونحن نعلم أن كليات الشريعة كانت أقدم الكليات في تعليمنا العالي، مثلما نعلم أن هذه الكليات قد خرجت على مدار العقود الستة الماضية ما ينيف عن مئة ألف طالب علم شرعي، ومثلما نعلم أن كليات الشريعة هي الأوفر انتشاراً على الخريطة الوطنية وأكثرها استقطاباً في أعداد الطلبة؟ ما هي الأسباب التي جعلت من اختيار القضاة مسألة نوعية انتقائية، رغم أن مناهج كليات الشريعة في كل جامعات المملكة المختلفة متكاملة ومتطابقة في ذات المحتوى العلمي؟ وهل كانت هذه الانتقائية سبباً في قلة أعداد القضاة؟ وماذا عملت الوزارة والمجلس لتوسيع دائرة الاختيار حتى تجد الحلول لهذه المشكلة؟ ماذا فعلت الوزارة ومعها المجلس الموقر في المشروع الإصلاحي لخادم الحرمين الشريفين من أجل تطوير القضاء؟ ولماذا لم نقبض حتى اللحظة على خطوة ملموسة في هذا المشروع؟ وماذا فعلت الوزارة والمجلس في مقترحات تقنين الأحكام حتى تمنع صدور أحكام متباينة ومختلفة على ذات القصص والقضايا بحسب القضاة الذين ينظرون إليها.. وفي هذا كثير من الشواهد المبرهنة؟ لماذا لا يعرف الماثلون أمام القضاء سقفهم الأعلى والأدنى من الأحكام المتوقعة، وبالقانون ثم يترافعون على حدود هذه الأسقف مثل كل جهاز قضاء بالكون؟ ولماذا يصر القضاء على أن أحكام الشريعة حدود مفتوحة بلا أسقف رغم أن الشريعة نفسها هي – العدل – مثلما هي الشريعة التي لن تخلو أبداً من هذه الضوابط؟ انتهت المساحة ولهذا أسعفوني بما لديكم من أسئلة.