تسيطر على بعض الزوجات الغيرة على أزواجهن العاملين في بيئات عمل تحتم عليهم التعامل مع عناصر نسائية، فتكثر الظنون والهواجس، وتحاول الزوجة التجسس على الزوج بتفتيش المكالمات الواردة إليه والرسائل النصية، بحثا عن رسائل غرامية، ليصل الأمر إلى خلافات تكاد تدمر بيت الزوجية.
وفيما حذرت اختصاصية الأمراض النفسية والعصبية بمستشفى الصحة النفسية بالمدينة المنورة الدكتورة أمل محمد الكفراوي الزوجات من سوء الظن بأزواجهن دون دليل، وأن يقدرن طبيعة أعمال أزواجهن، مطالبة الأزواج بالتعامل مع زميلات العمل أمام زوجاتهم بثقة دون حرج حتى لا يفتحوا لزوجاتهم أبواب الظنون؛ تقول أم وسن: إن زوجها يعمل بالقطاع الصحي، ومنذ خمسة أشهر تم توظيف نساء بالقسم الذي يعمل به، ومنذ أن أخبرها بذلك، والغيرة بدأت تشتعل داخلها، وما زاد من شكوكها أنه يتجاهل الرد على اتصالاتهن أمامها، مضيفة: أنها بدأت تفتش جوال زوجها بحثاً عن أرقام زميلاته، وكلما أتته رسالة تراودها الشكوك بأنها من إحداهن، على الرغم من ثقتها بزوجها.
وأشارت أم وسن إلى أن زوجها بدأ يتذمر من كثرة تفقدها لجواله، وغيرتها الزائدة، وأنها حاولت أن تخفف من غيرتها إلا أن ما يحدث هو العكس.
وقالت نورا الردادي "عندما تسود الثقة بين الزوجين تتراجع الغيرة، ويسود التفاهم والوئام بينهما، وما دام الزوج يتعامل مع الجنس الآخر بطريقة لا تتعارض مع مبادئ الدين وتعاليمه، فإن الحياة الزوجية سيسودها الاطمئنان المتبادل، ولكن عندما تنقلب الآية فتغلب العواطف تشتعل الغيرة بين الزوجين، وقد تتطور إلى شك وقلق يومي، وتنقلب حياتهما إلى جحيم".
وسرد استشاري عظام في أحد المستشفيات ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ لـ"الوطن" معاناته مع غيرة زوجته التي تدفعها دائما للشك به قائلا "في إحدى المرات جاءتني زوجتي تشتكي من ألم اضطرها إلى مراجعة المستشفى الذي أعمل به، وفور وصولها إلى العيادة أبلغت الطاقم التمريضي في المركز بأن زوجتي تحتاج إلى عمل الفحوصات الأولية لها، فما كان من الممرضات إلا أن أظهرن لها التودد، وحرصن على خدمتها، وبعد خروجها من المستشفى لاحظت تغيراً في أسلوب تعاملها معي، وعند سؤالها انتابتها حالة بكاء طالبة مني الانتقال من هذا المستشفى إلى مستشفى آخر".
من جانبها ذكرت اختصاصية الأمراض النفسية والعصبية بمستشفى الصحة النفسية بالمدينة المنورة الدكتورة أمل الكفراوي أن غيرة الزوجات المبالغ بها على الرجل تأتي غالبا من الزوجة ربة المنزل التي لديها وقت فراغ كبير جدا، سيكون لديها وقت للتفكير الكافي بأوضاع زوجها خارج المنزل، خصوصا لو أن لديه زميلات في العمل، وتغار عليه، حيث إنه في نظرها يقضي بالعمل معهن وقتا أكثر مما يقضيه معها في المنزل، خاصة في حال كانت هناك اتصالات مباشرة أو رسائل نصية بينهم، حتى وإن كانت متعلقة بالعمل.
وقالت الدكتورة أمل: إن المرأة عموما تغار إذا وجدت الجنس الآخر في حياة زوجها، حتى لو كانت العلاقة بين الطرفين رسمية لا تشوبها شائبة، وحتى لو كانت موقنة بحب زوجها لها، ومن قوة الارتباط العاطفي بينهما، فبعدها المتواصل عنه خلال فترة دوامه يجعلها تعتقد أنه قد يحدث نوع من الجفاء العاطفي بينهما، وهذا الشعور يدفعها لأن تفتش ورائه للبحث عن أي أثر قد يجعل الشعور الذي بداخلها حقيقة.
وأكدت الاختصاصية أن الرجل يكون له في بعض الأحيان دور في زيادة هذه الهواجس بتجاهله أسئلة زوجته المتكررة، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وكذلك عدم منحها المجال للتحاور معه لتعبر عما بداخلها من هواجس. إضافة إلى تهربه من الرد على اتصالات الزميلات أمامها أو تسجيل أسماء زميلاته في جواله بأسماء ذكورية رغم أن العلاقة بينهما رسمية لا تتجاوز حدود العمل.
وأكدت الدكتورة أمل أهمية لجوء هؤلاء الزوجات الغيورات بهذا الشكل إلى العيادات النفسية لسرد معاناتهن ومشاكلهن، وإخراج ما بداخلهن من مشاعر للطبيبة المعالجة، حتى لا تنعكس الغيرة عليهن بشكل سلبي في صورة اكتئابات نفسية أو قلق نفسي، وقد يتعدى الأمر إلى وساوس قهرية إذ لم تجد الزوجة من يقدم لها المساعدة ويد العون.