يتجمع 25 طبيبا وطالبا داخل قاعة في أحد مستشفيات مدينة بنغازي عاصمة الثوار الليبيين، يتابعون شريطا يعرض عليهم كيفية تشخيص الصدمات النفسية الناجمة عن النزاعات المسلحة ومعالجتها. وتبدأ الطبيبة النفسية دارة الهادي درسها في قاعة الصف بشرح بعض المبادئ التي يعرفها الجميع ولو بالفطرة، مثل صعوبة تحمل حالة مطولة من الضغط والإجهاد. وعانى سكان بنغازي المدينة التي انطلقت منها الثورة الليبية على نظام معمر القذافي، من إطلاق النار على مدى أسابيع سواء برصاص القناصة المرابضين على سطوح المباني أو بقذائف القوات الموالية للنظام. وما زال من الممكن رؤية آثار الحرب في كل مكان فيما تتواصل المعارك على مسافة 80 دقيقة فقط من المدينة. ويتصدى "جيش" من الثوار معظم عناصره متطوعون شبان لقوات القذافي، تساعدهم في إبقائها على مسافة طائرات الحلف الأطلسي التي تعوض سوء تجهيزهم وقلة خبرتهم العسكرية.

وتطلب دارة الهادي من طلابها أن يذكروا أسماء بعض أعراض حالات الضغط النفسي فسرعان ما تردها الأجوبة مترددة أحيانا: أرق، تعب، كوابيس، سلوك عنيف، بكاء. وتتولى الهادي وزملاؤها من منظمة الهيئة الطبية العالمية تدريب معلمين وأطباء نفسيين وعاملين اجتماعيين أيضا، وهم معنيون بالدرجة الأولى بهذه المشكلة. وتقول "هؤلاء الأشخاص يهتمون أو سوف يهتمون لاحقا بناجين" من أعمال العنف.