يبدو أن قدرات السياحة الداخلية ستخضع لاختبار حقيقي هذا العام من المواطنين والخليجيين على حد سواء. وهؤلاء هم من وجدوا أنفسهم أمام خيار لخوض تجربة الذهاب إلى الطائف وأبها والباحة، أو إلى جدة والمدن الساحلية الشرقية. في حين تبرز السياحة الدينية كخيار أكثر تفضيلا لكثير منهم، وشهر أغسطس يتزامن هذا العام مع رمضان.. حيث الوجهة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
العودة إلى الداخل
يقول رئيس لجنة السياحة والفنادق بالغرفة التجارية بمكة المكرمة وليد بن صالح أبو سبعة إن التوقعات تشير إلى توجه الجزء الأكبر من السياح السعوديين إلى الداخل بسبب بعض الأحداث الخارجية التي خلقت عدم استقرار في بعض الدول، مما يجعل السياحة الداخلية خيارا أفضل، سواء اكتملت المقومات الأساسية مثل البنية التحتية المطلوبة من مطارات ومواصلات وفنادق ومناطق ترفيهية وغيرها أو لم تكتمل.
في حين يشير مدير خطوط طيران الخليج في المملكة أحمد المتروك لـ"الوطن" إلى أن أغلب السياح الذين كانوا يفضلون الدول العربية سيتحولون للسياحة المحلية، وأن انسحابهم من أغلب الدول العربية سيشكل ضغطاً على الفنادق وخطوط الطيران والبرامج السياحية في المملكة.
وبين المتروك أن حجم الطلب ارتفع بشكل كبير على مكة والمدينة من عملاء الشركة في دول الخليج، لتصادف شهر رمضان الكريم مع أغسطس، مما يعني أن العائلات الخليجية تفضل قضاء شهر رمضان في الأماكن المقدسة لأداء العمرة وزيارة المسجد النبوي، مشدداً على أن السياحة السعودية تحتاج إلى استعداد كبير لمواجهة الأعداد المتوقعة لزيارة المملكة.
من جانب آخر قال مدير البرامج في شركة سياحية خليجية (سليم البرواني)، إن الرغبات جاءت نحو تفضيل السياحة المحلية في المملكة على حساب الخارجية بعد الأحداث الأخيرة التي أضرت بالعوائد السياحية لدول مثل مصر ولبنان وتونس وسورية والمغرب والأردن.
وأوضح البرواني أن لكل سائح وجهاته المفضلة، وإذا لم تتوفر وجهته المفضلة فإن السائح يتحول إلى سائح محلي، مؤكدا أن تراجع الرغبة للسفر للدول العربية ينطبق على السائح الخليجي، وأن طلبات السفر على السعودية تزيد بنسبة 35% عن نفس الفترة من العام الماضي.
استثمار الفرصة
"رب ضارة نافعة".. جاءت فرصة سانحة إلى المملكة لتثبت قدرتها على الاستجابة لتطلعات مواطنيها والخليجيين السياحية، وتجربة الأعوام الماضية التي خاضتها الهيئة العامة للسياحة والآثار يتوقع أن تؤتي أكلها هذا العام.. فهل ستستفيد المملكة؟
خبير التسويق، المتخصص السياحي خالد بن عبدالرحمن الدغيم يتوقع أن تشهد السياحة الداخلية نموا أعلى من العام الماضي مع امتداد الموسم إلى رمضان والعيد، ولكنه يرى أن مشاكل النقل وغياب العروض التشجيعية وضعف المهرجانات والفعاليات ستستمر مما يجعل الموسم موسما تقليديا. وعلى العكس يرى نائب رئيس اللجنة السياحية بغرفة جدة سعيد علي عسيري أن توفر المقومات السياحية الداخلية سواء من ناحية الأجواء أو المعالم التاريخية، إضافة إلى العادات والتقاليد التي توفر للسائح الخليجي الخصوصية، سيكسب المملكة الرهان.
ولفت إلى أن صناعة السفر والسياحة تعد جانبا من مصادر الثروة التقليدية، إذ أصبحت صناعة خدمية تقود اقتصادات العالم في القرن الحالي، مشددا على مراعاة متطلبات السائح المحلي وتوفير الجو المناسب له كونه يتميز عن سياح العالم بكثرة إنفاقه، وذلك بعدم المغالاة في الأسعار، وجودة الخدمات المقدمة له. إلا أن عسيري أشار إلى بعض معوقات السياحة الداخلية، موضحا أن ثقافة السياحة لدى المجتمع المحلي تنحصر في الاستهلاك، إلى جانب عدم الاهتمام بها من بعض القطاعات الخدمية، مطالبا بتضافر جهود صناع القرار والعاملين فيها لتحقيق ازدهار سياحي دائم، مثنيا على ما حققته الهيئة العامة للسياحة والآثار من إنجازات. وأفاد بأن المميزات التي منحتها وزارة الشؤون البلدية للمستثمرين على شواطئ المملكة والمتمثلة في مد مدة الاستثمار ما بين 50 إلى 60 عاما ستساهم في تنمية الاستثمار, حيث سيحرص المستثمرون على تطوير المرافق الخدمية مما ينعكس على جودة الخدمة المقدمة للسياح.
وكتوقع مبدئي، يشير مندوب حجز شركة الصفا بجدة عثمان الهويدي إلى إمكانية ارتفاع نسبة إشغال الفنادق والشقق المفروشة بجدة إلى 100%، مشيرا إلى أن الشركة تلقت حجوزات من مواطنين يفضلون السياحة في مدينة جدة على السفر لخارج المملكة، مضيفا "إن المطاعم الشهيرة ستلقى رواجا كبيرا هذا الموسم"، معللا ذلك بعزوف بعض الأسر عن السفر للخارج.