مثلما يعيد المال صياغة الأشياء والجهات، يأتي الفقر ليؤكد أن أبسط الأشياء قد يصبح مستحيلا.

وحين يتخم الأغنياء الجهات الأربع برحلات الصيف، تغيب ذات الجهات عن دروب الفقراء، ألم يقل الهنود "يبحث الفقير عن الغذاء والغني عن الشهية".

يجدد الفقر كل عام قسوته، لينتشل أصحابه حتى من فرح النجاح، ليقينه بأن النجاح يعقبه صيف، والصيف موسم السفر، وكيف السفر بمن ضاقت عليه الإقامة!.

أحمد، الخمسيني الغارق في تفاصيل الفقر، يقسم بأن أيامه تصبح أشد بؤسا حين يعانقه الأبناء بتباشير النجاح، ليقينه بأنهم يتطلعون خلال الإجازة الدراسية، للسفر والاستمتاع والترويح عن أنفسهم، وأنى له ذلك.

يقول أحمد، الأمر يكون أشد صعوبة مع الاستغلال الكبير لموسم الصيف من قبل ملاك الفنادق والشاليهات وغيرها، وتنافسهم المحموم على زيادة الأسعار، رغم تدني مستوياتها وسوء الخدمات المقدمة، حتى إن أدنى تلك الأماكن لا يقل أجره اليومي عن الـ500 ريال.

وفي حين تنشط الدعوات لتشجيع السياحة الداخلية، وتوجيه بوصلة قضاء الإجازة للداخل؛ يأتي الواقع ليؤكد بأن جهات السياحة الأربع لم تغب عن الفقراء وحسب؛ بل حتى عن الشريحة العظمى من متوسطي الدخل، ليستقر بهم الحال على الجهة الخامسة، التي فرضت نفسها على قوانين الفيزياء، وخلقت لهم "سياحة البيت".