أطلقت اللقب بعاليه في العنوان على الإخوة الزملاء الأصدقاء وهم يخرجون مساء الاثنين الماضي من اجتماع مجلس إدارة النادي الأدبي في أبها. أنا اليوم أكثر إيمانا أن العمل الثقافي لا يحتاج إلى – مأسسة – وعليه فإن إيماني المرادف للإيمان السابق أن المشهد الثقافي لا يحتاج أيضا إلى إدارة رسمية. مؤمن ثالثا، أن الأندية الأدبية في عالم اليوم الثقافي المتحول لم تعد لها حاجة جوهرية. الشيء الوحيد الجميل الذي ما زالت هذه الأندية تضخه في المشهد الثقافي ليس إلا جماليات الصراع بين الأفراد والأطياف والمدارس، ولهذا وخصوصا بعد إقرار مسألة الانتخاب، باتت هذه الأندية أشبه بالمفرزة التي نعرف عبرها توجهات المشهد الثقافي.

والحقيقي أن كل أفراد المجلس الأعلى للقوات المثقفة يدركون أنهم اليوم يديرون آخر مرحلة من هيكلة الثقافة المنقرضة في ثوبها التقليدي القديم. هم يعرفون تماما أن أكثر المؤلفات طلبا وإثارة هي تلك التي لا يستطيع المجلس الأعلى للقوات المثقفة أن يجيزه كما هو ثم يأمر بفسحه للمطبعة. هم أيضا يعرفون أن بضع تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تعتبر اليوم من الجدل الصاخب ومن النقاش الساخن ما لا تستطيع أن تفعل ربعه كل أقطار المجلس الأعلى للقوات المثقفة. هم يعرفون أن المثقف الجماهيري المطلوب هو من لا يستطيع ذات المجلس الأعلى أن يرتكب خطيئة دعوته للمنبر العام خوفا من زلة لسان لن يستطيع أن يلملم أطرافها بيان توضيحي من المجلس الأعلى للقوات المثقفة. هم يعرفون أكثر من ذلك أن – القوات المثقفة – التي يتشرفون بالجلوس على كراسي مجلسها الأعلى منقسمة على نفسها، بل حتى إن الفرد الواحد من هذه القوات يعيش حالة انفصام تخلق منه في اللحظة نفسها – مثقفين – اثنين مختلفين ولو أننا أردنا أن يكون المجلس الأعلى تمثيلا حقيقيا لجسد هذه – القوات المثقفة – لكان عدد أعضاء المجلس الأعلى ضعف عدد الجمعية العمومية. هم يعلمون أن الثقافة نفسها لم تعد ورقا مطبوعا أو محاضرة منبرية، وللدلالة، فإن أكثر المثقفين حراكا وصخبا في هذه المدينة، مثل محمد زايد الألمعي، لم يصدر حتى اللحظة مؤلفا واحدا فيما أعلم، بل لديه إصرار عجيب على ألا يقترف مثل هذا الخطأ. وخلاصة الأمر فإن المجلس الأعلى للقوات المثقفة يعلم أنه يدير مرحلة انتقالية ما بين الورق وبين – السايبر – الإلكتروني. ما بين جيلنا القديم وجيل – الديجتال – الذي يحمل تعريفا صارخ الاختلاف لمصطلح الثقافة.