بعد ثلاثة أشهر قضتها في السجن استردت صالحة "عجوز بريمان" حريتها، لكنها لم تسترد بيتها ومستلزماته، خرجت من جدران الحبس، لكن همومها لم تخرج من صدرها، وأطلق سراحها لكنها لا تزال حبيسة ذكرياتها الأليمة.

لا تزال طريقة القبض عليها ماثلة أمام عينيها لا تفارقها لحظة، فحينما ذهبت لتستقدم خادمة تعينها في الأيام المتبقية في حياتها، وجدت نفسها رهينة المحبسين السجن، وظلم ذوي القربى، فأُمر بإيقافها في البداية 48 ساعة، لحين تنفيذ حكم بتسليم منزلها الذي رفضت الخروج منه، إلا أن السجن استمر ثلاثة أشهر، لم يشفع لها كونها امرأة طاعنة في السن، لكن ما كان يطمئن نفسها خلال تلك الفترة هو حفظها أربعة أجزاء من القرآن الكريم، على الرغم من عدم معرفتها للقراءة والكتابة.

تعيش "صالحة" حاليا في غرفة في رباط تابع لجمعية البر في جدة، يطلق عليه "دار المسنات"، لا تعرف كيف تفعل لتسترد حقها السليب، وقال مدير فرع الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة الدكتور عبد الله آل طاوي، إنه تم إسكانها بإحدى الدور الإيوائية في جدة، وتم إخضاعها لفحوصات طبية، مؤكدا على قيام الشؤون الاجتماعية بعمل دراسة كاملة لحالتها من الناحية النفسية والاجتماعية والصحية.

من جانبها، أوضحت بيان زهران المحامية المكلفة بمتابعة قضية السبعينية من قبل لجنة "تراحم"، أن اللجنة راجعت قاضي التنفيذ بخصوص مستلزمات "صالحة" وأثاثها وذهبها ومقتنياتها وممتلكاتها التي كانت داخل المنزل، مفيدة بأن القاضي لم يوجد في المحكمة، ولذلك سنراجع الأمر مع رئيس المحكمة.

وفيما يخص سجنها، ذكرت أن أمرا صدر بإيقافها لمدة 48 ساعة، إلا أنها مكثت في السجن لمدة ثلاثة أشهر، وهو ما يخالف النظام، حيث إنها لم ترتكب جريمة أو خطأ قانونيا يستلزم منها المكوث كل تلك المدة في السجن، وكشفت أن السبعينية لديها ورقة أثبت فيها زوجها أنه استدان منها 500 خمسمائة ألف ريال بشاهدين، وتحتفظ "تراحم" بنسخة من الورقة، إلا أن المرأة لم تظهر الورقة للقضاء أثناء المحاكمات، حتى يستبين الدين قبل الحكم بتقسيم الإرث، وعليه لم يتم النظر أثناء المحاكمة في أمر الدين الذي كان على المتوفى وهو زوجها تجاه الزوجة، وبذلك تم تقسيم الإرث وبيع البيت، مشيرة إلى أن لجنة "تراحم" ستلتمس إعادة النظر في الحكم، وستطالب بعرض الورقة على لجنة خبراء لاستبانة حقيقتها، وستطالب بباقي مستحقات السيدة من الإرث.

وأكدت المحامية زهران بأنه ستتم مراجعة قاضي التنفيذ حول مستلزمات المرأة وأثاثها، الذي من المفترض ألا يباع إلا إذا رفضت تسليم المنزل، وهي تؤكد أنها لم ترفض، خصوصا أنها كانت داخل السجن، ولم يكن من الصعوبة بمكان إحضارها وإبلاغها ببيع ممتلكاتها الشخصية داخل المنزل، لأن الحكم الأصلي يتعلق بتسليم البيت، وليس بيع ممتلكاتها وأغراضها الشخصية، والمفترض أن تسلم لها أغراضها الشخصية.

بدوره، أوضح رئيس لجنة المحامين التي شكلتها لجنة رعاية السجناء "تراحم" المحامي غازي بن حسن الصبان أن لجنة المحامين المتطوعة للترافع في قضية المرأة السبعينية ستتابع القضية من خلال محورين، الأول موضوع سجنها، وهل ما ارتكبته جريمة موجبة للإيقاف أم لا، ثانيا أمر السجن الذي اطلعت عليه اللجنة والذي يذكر إيقافها لـ 48 ساعة فقط، مشيرا إلى أن من سيتحمل مسؤولية بقائها في السجن لمدة ثلاثة أشهر هو من أمر بإيقافها.

وأوضح الصبان أن المحامين الموكلين سيرفعون دعوى في ديوان المظالم بخصوص حقوقها التعويضية عن سجنها.

وكانت "الوطن" قد نشرت قصة المسنة السبعينية التي تلقب بـ"عجوز بريمان" والتي وثقت في زوجها الذي كان يؤكد أن البيت ملك لها وبعد وفاته طردت من فلتها الفاخرة ودخلت السجن.