لو لم تكن الليلة ليلة حب ما كان للجميع أن يحضر. وصلتُ متأخراً على طرف السهرة، غالبية الحضور صبيان أرواحهم مزاجها فن، نماهم أبوهم الجمال وأشعلتهم أمهم الشمس. مثل جازان يشعون بالحياة رغم نحافة أجسادهم. يملؤون صالة النادي الأدبي بالمستقبل.
ليتأكد حضوري جلست في الصف الأول، وإن كان لا بد لليل هؤلاء المجانين من رواسي وقار فهناك حيث يجلس أحمد البهكلي، صحيح استقال من النادي لكنه أجل سفره وحضر ليلة حب.. إلى جانب آباء آخرين يضيء شيبهم عتمات الأرواح.
أحمد الحربي الرئيس السابق، أي نعم هناك قضايا عالقة لكنه سيتناوب المايكروفون مع محمد يعقوب الرئيس الجديد. أما السنابل الذاهبة للسماء فهي ملء العين، عبدالله عبيد، عطية الخبراني (عطعط ما غيره) إبراهيم مبارك وآخرون فالليلة ليلتهم.
هناك رجل أعرفه، ربما لأول مرة أراه في النادي، لم يكن سوى زميل الدراسة وجاري في الفصل من المتوسطة حتى الجامعة، اسمه "أبو شملة"، من عشرات السنين لم أقابله.
على المنصة يجلس مجنون معتبر اسمه إياد الحكمي، كل هذه اللمة من أجله، فاز مؤخرا بجائزة الشارقة للشعر. ما زال طالبا في جامعة جازان، يعرف من أين يؤتى الكلام، يساعده في ذلك روح نافرة وعقل خفيف القيود!
إياد رمز لكل هؤلاء السنابل التي يعج بها النادي الليلة، ولم يكن هذا الجمع ـ رغم كل شيء ـ ليحضر لولا أنها ليلة حب، ليلة مستحقة للحب وحده.
حين كان محمد يعقوب يمر بعينه على السنابل يذكر أسماءهم واحدا واحدا بتأنّ مقصود رفعتُ يدي له ليذكر اسمي بينهم لكنه لم يذكرني، فرفعت صوتي على خجل قلت: وأنا؟ فقال على مسمع الجميع أيضا: لا. لو أنه ذكرني معهم لما اكتمل شجن لحظتي الشفيف.
حين انتهت الاحتفالية صافحت زميلي أبو شملة وكان وجهه فياضا بالغبطة وهو يشارك في أمسية الاحتفاء بالشاعر "إياد بن أبوشملة الحكمي".
جازان لا تغيب سنابلها أبدا.