أصبح بإمكان المرضى بعد اليوم الخضوع لعملية ما دون الاحتياج إلى جراحة أو تخدير أو تنويم لعدة أيام، ودون الاضطرار إلى تحمل مضاعفات العمليات الجراحية النفسية والجسدية، وذلك من خلال ما يسمى بـ"الأشعة التدخلية"، وهو تخصص طبي حديث يتيح الفرصة لعلاج عدد كبير من الأمراض، وإجراء بعض العمليات دون جراحة، وبنسبة نجاح تصل إلى 97%.

عن هذا التخصص يقول استشاري الأشعة التدخلية بمستشفى عسير المركزي، الدكتور غازي الشمراني "الأشعة التدخلية من التخصصات الحديثة التي تقوم على إرشاد الوسائل المختلفة من الأشعة مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية للقيام بعمليات تدخلية دقيقة بسهولة ويسر، ونسبة نجاح عالية.

وعن الأمراض التي يمكن لهذا التخصص التدخل بعلاجها لفت إلى أنه من خلال التقدم الكبير في وسائل الأشعة الإرشادية من جهة، والمواد المستخدمة في عمليات الأشعة التدخلية من جهة أخرى؛ أصبح بالإمكان علاج الكثير من الأمراض عبر عمليات جراحية ميسرة، وبنسب نجاح عالية كأمراض الأوعية الدموية التي تشمل الشرايين والأوردة، التي أصبح بالإمكان علاج الكثير منها دون الحاجة إلى جراحة، وبنسبة نجاح تتفوق في كثير من الأحيان على الجراحة التقليدية وبخطورة ونسبة مضاعفات أقل بكثير من الجراحة.

وقال الشمراني "إن من تدخلات الأوعية الدموية علاج انسداد الشرايين في أماكن مختلفة من الجسم، فمثلا انسداد شرايين الأطراف قد يؤدي إلى غرغرينا وبتر القدم في حالة القدم السكري، ولكن باستخدام القسطرة والأشعة التدخلية يمكن فتح هذه الشرايين، وتجنب الحاجة إلى البتر أو التوصيلات الجراحية، كذلك فإن من الأمراض الشائعة دوالي الساقين وهي عبارة عن توسع في الأوردة يؤدي إلى آلام وتشوهات، وكانت تعالج في السابق بعمليات جراحية تحمل نسبة خطورة أعلى ونسبة نجاح أقل من العلاج الحديث باستخدام قسطرة الليزر، حيث يتخلص المريض من الدوالي في جلسة واحدة دون الحاجة إلى جراحة، وبنسبة نجاح عالية تصل إلى 97%.

وأضاف: أن من الأمراض كذلك ما يتعلق بالخصوبة والإنجاب، حيث يمكن علاج دوالي الخصية بواسطة القسطرة، وهي أنبوب دقيق جدا يبلغ قطره ما يقارب مليمتر ونصف المليمتر يدخل في أحد الأوردة الطرفية، فمثلا يمكن إدخال هذا الأنبوب في أوردة الذراع، وباستخدام إرشاد الأشعة يمرر هذا الأنبوب في شبكة الأوردة الداخلية للجسم، حتى يتم الوصول إلى الوريد المسبب للدوالي، ومن ثم إغلاق هذا الوريد من داخل الجسم دون الحاجة إلى شق جراحي. كذلك يمكن استخدام نفس نوع أنبوب القسطرة للدخول في الشرايين، وعلاج أورام الرحم الليفية عند السيدات، فعن طريق هذه القسطرة يمكن إغلاق الشرايين التي تغذي هذه الأورام، مما يؤدي إلى ضمورها وتلاشيها، دون الحاجة إلى استئصال الرحم، ودون الحاجة إلى شق البطن جراحيا، بل حتى دون الحاجة إلى التخدير.

وتابع الشمراني قائلا "إن من الأمراض التي يمكن علاجها كذلك الأورام والسرطانات، حيث يمكن الوصول إلى الورم بإرشاد الأشعة، ومن ثم كيّ الورم بالتردد الحراري أو حقن العلاج الكيماوي مباشرة داخل الورم دون الحاجة إلى الحقن في الوريد. كما يمكن تشخيص الأورام بأخذ عينات منها بإرشاد الأشعة دون تدخل جراحي، إلى جانب علاج آلام الظهر بالحقن الموضعي، وتقوية العمود الفقري للمصابين بهشاشة العظام، وعلاج ضيق شريان الكلية المسبب لارتفاع ضغط الدم بالقسطرة، وتركيب قسطرات الغسيل الكلوي وإصلاح عيوبها، وعلاج انسداد القنوات المرارية، والتهاب المرارة بالقسطرة، وغيرها".

وأضاف الشمراني "أن هذا التخصص يعتبر من التخصصات النادرة على مستوى العالم نظرا لحداثته، وقد بدأت أعداد الأطباء تتزايد فيه بشكل تدريجي. ولدينا في المملكة عدد من المتخصصين في هذا المجال، إلا أن العدد لا يزال محدودا، وينحصر وجودهم في المستشفيات الكبيرة"، مشيرا إلى جهود تبذل لإنشاء جمعية سعودية لهذا التخصص إلا أن قلة المختصين في هذا المجال أهم الصعوبات.