أعادتنا إقالة الجنرال الأمريكي ستانلي ما كريستال قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان لذكريات مريرة مع المشير عبد الحكيم عامر قائد القوات المسلحة المصرية, واللواء زكي بدر أحد أبرز وأقوى وزراء الداخلية في مصر. وبين ثلاثتهم قواسم مشتركة عدة أبرزها الغطرسة واللسان الجارح.
لقد بلغ من غطرسة الأول تسفيهه لكل الآراء, مستخدما عبارات حادة طالت الرئيس باراك أوباما نفسه.. صحيح أنه لم يذكره بالاسم, لكنه أشار إلى أن نائبه جو بايدن يقوم بدور "المهرج".. على أن ماكريستال لم يكتف بهذا الوصف وإنما استخدم تعبيرات أو مصطلحات أخرى في تهكمه على أركان الإدارة الأمريكية من قبيل "الحيوان الجريح" و"الخذلان الكبير" و"العيش في الوهم", وشيئا فشيئا يتهكم الجنرال على نائب الرئيس جو بيدن قائلا: جو من؟
أما الثاني "المشير" فقد بالغ في الغطرسة والاستعلاء والسب والشتم معتبرا أنه القائد العسكري الأوحد الذي يستطيع أن يزلزل جيوش الأعادي, وكان ما كان ووقعت الواقعة, فيما لم يسلم أركان الحكم في مصر من لسان الثالث "اللواء" لحد استخدام عبارات جارحة من قبيل "الدلاديل" و"الشواذ" و"النصابين" و"المهربين".
ورغم قرب القادة الثلاثة من قادتهم, فضلا عن دورهم الكبير في مرحلة ما قبل السقوط, فإن غطرستهم الفجة وألسنتهم الجارحة عجلت بإقالتهم في حالة الجنرال واللواء وبانتحارهم أو نحرهم في حالة المشير.
في المقابل, لعبت الصحافة دورا بارزا في التعجيل بنهاية القادة الثلاثة خاصة في حالتي الجنرال واللواء, فالأول وضع نهايته بقلمه في مجلة "رولينج ستون", ولم تحل اعتذاراته دون فصله من الخدمة, والآخر إصطادته صحيفة "الوفد" لتنشر سيل الشتائم التي وجهها لقادة المعارضة والحكومة في نفس الوقت, قبل أن يحملها الراحلان فؤاد سراج الدين وإبراهيم شكري في شريط كاسيت ويسلمانها للقصر الجمهوري.. لقد هزم ثلاثتهم بأيديهم وألسنتهم أيضا!