من السهل أن تكذب على جميع الناس لبعض الوقت، ومن السهل أن تكذب على بعض الناس جميع الوقت، ولكن من الصعب أن تكذب على جميع الناس كلّ الوقت. هذه المقولة لا يمكن أن تنطبق على أيّ تلفزيون الآن, مثلما تنطبق على التلفزيون السوري, وليس أكذب من التلفزيون السوري إلا التلفزيون السوري. أعرف تماماً, أن هناك من سيقول أن هذا تلفزيون الدولة الرسمي, ولهذا من الطبيعي أن يكون متحدثاً باسم النظام ومسانداً له, لكن حتى التلفزيونات الرسمية التي تكذب, وهي كثيرة طبعاً, لديها حدّ أدنى ومقبول من الكذب, الذي يمكن تمريره على المشاهدين, أمّا الفضائية السورية الرسمية فهي بالغت في كذبها, إلى حدّ أن الكذب نفسه لا يمكن أن يصدّقها فيما تقول وتعرض. من أراد أن يعرف كذب الفضائية السوريّة الفجّ, فليس عليه أكثر من تمرير عينيه على شريط الأخبار أسفل الشاشة, بعيداً عن البرامج الكاذبة, التي تستضيف فيها القناة أناساً يمتدحون النظام, ويتحدثون عن البلد, على أنها تنعم بالرغد والأمان آناء الليل وأطراف النهار.
ليس غريباً, أن يخرج في هذه القناة, وزير الداخلية السوري, ويقول إن نسبة الشعب السوري الذي صوّت على الدستور السوري الجديد بالموافقة, هي 89 %, وإن فئات المصوّتين على دستور بشّار الأسد الجديد والمنمّق, شملت المكفوفين والصمّ والمعاقين, بل وحتى البدو الرُحّل في خيامهم وبراريهم, ولا أدري هل التصويت شمل الطيور السابحة في فضاء الله, والحمير التي تمشي في أرض الله, ولم تطلها رصاصات شبّيحة بشّار الأسد!
لا توجد مظاهرات أبداً تطالب بالحريّات والكرامة والحقوق والعدالة الاجتماعية في سورية, بل كلّ مئات الآلاف المنتشرين في شوارع المدن السوريّة, إمّا أنهم إرهابيون, وإمّا أنهم من القاعدة, وإمّا أنهم عملاء لإسرائيل, وإماّ أنهم مخربّون, وإما أنهم يتمشّون في الشوارع, هكذا تقول القناة التي يستحي مما تقوله الحياء نفسه.
(أسدُ) هذا الذي يوجّه إعلامه هكذا, أم (نعامة) تدسّ رأسها في التراب, وباقي جسمها يراه خلق الله.