استبعدت هيئة المساحة الجيولوجية احتمال حدوث أي نشاط بركاني أو زلزالي في المملكة خلال العامين القادمين خلافاً لما توقعته مصلحة المساحة الجيولوجية الأميركية، وقالت الهيئة في بيان لها أمس إن عملية التنبؤ بحدوث أي نشاط زلزالي أو بركاني تحتاج إلى مراقبة أرضية مستمرة لكافة المتغيرات التي قد تشير إلى قرب حدوثه، وأنه رغم ذلك قد لا يحدث.
وقالت الهيئة إنه من الممكن التنبؤ بوقوع البركان قبل حدوثه بفترة قصيرة، وذلك من خلال المراقبة الأرضية المستمرة لكافة الظواهر المصاحبة للنشاط البركاني مثل النشاط الزلزالي، والنشاط الحراري، وتشوهات القشرة الأرضية، ومراقبة الغازات، والتوسعات في التشققات الناتجة عن النشاط الزلزالي، ومن خلال البيانات والمشاهدات والدراسات العلمية ، وعليه فإن كل ما قيل ما هو إلا اجتهادات لا تعتمد على أية قياسات علمية مؤكدة.
وبينت الهيئة أن النشاط الزلزالي في المملكة يرتبط بالوضع الحركي للجزيرة العربية، حيث يتركز النشاط الزلزالي على حواف الصفيحة العربية، وتتركز الخطورة الزلزالية في كل من خليج العقبة وشمال البحر الأحمر وجنوب غرب المملكة ، كما يوجد نشاط زلزالي داخل الدرع العربي يتمثل في النشاط الزلزالي بمنطقة تبوك (شمال حرة عويرض) ومنطقة جنوب شرق جازان، كما يوجد نشاط زلزالي مرتبط بالحرات البركانية، كما في حرة رهاط، وحرة الشاقة، وحرة خيبر، وحرة عويرض.
وبخصوص الحرات البركانية في المملكة أفادت الهيئة أنها عبارة عن هضاب من الحمم البازلتية التي تكونت تقريبا منذ حوالي 30 مليون عام، وحتى فترات تاريخية حديثة آخرها حدث قبل حوالي 800 عام، والمتمثل في الثوران التاريخي جنوب شرق المدينة المنورة، حيث صاحب تدفق هذه الحمم واللابات تكون براكين مكونة في الغالب من فتات بركاني بازلتي، ويطلق على هذه البراكين مسمى براكين السكوريا، وهي براكين تتراوح ارتفاعاتها ما بين 100 متر إلى 300 متر عن سطح الأرض.
وقالت هيئة المساحة الجيولوجية إن البراكين تقسم من حيث نوعها وقوة وعنف ثورانها إلى عدة أنواع، فبراكين السكوريا في حرات المملكة هي من النوع أحادي التكون أي أنه مع انتهاء الثوران البركاني لا يعود هذا البركان للثوران مرة أخرى، وهذا يفسر وجود مئات من هذه البراكين الصغيرة على طول الشقوق الأرضية تحت السطحية التي انبثقت منها الحمم واللابات المكونة لحرات المملكة، أما من حيث شدة وقوة الثوران البركاني المكون لبراكين السكوريا فيعد الأقل شدة ضمن تقسيم الثورانات البركانية المتفجرة، وليس أدل على ذلك من محدودية ارتفاع السحابة البركانية فوق فوهات براكين السكوريا بينما الثورانات الأخرى الأكثر عنفاً ترتفع سحبها البركانية إلى مسافات أكبر بعشرة أضعاف، وتصل ارتفاعات البراكين الكبيرة إلى أعلى من 2500 متر، وتتميز بأنها من النوع المتكرر الثوران، ومن خلال نفس الفوهة المركزية، وهذه البراكين الضخمة والكبيرة تتكون في مناطق بنائية مختلفة عن تلك الموجودة في المملكة.
وقالت الهيئة إن حرة رهاط تقع بين المدينة المنورة شمالا وتخوم مدينتي جدة ومكة المكرمة جنوبا، ودلت الدراسات الجيولوجية التي قامت بها الهيئة على أن أعمارها تتراوح ما بين 12 مليون سنة في جزئها الجنوبي، والأوسط تقريباً إلى حوالي 2 مليون سنة، وحتى أوقات تاريخية قريبة متمثلة في الثوران التاريخي الذي حدث سنة 654هـ، وبما أن الجزء الجنوبي والأوسط من حرة رهاط الواقع شمال مكة المكرمة هو الأقدم، فهو غير نشط، ولا يتوقع أن تثور براكينه مرة أخرى، بل إن كثيراً من هذه البراكين قد تأثرت بعوامل التعرية وفقدت بعضاً من ملامحها الأصلية.
وأكدت الهيئة أنها تقوم بمراقبة النشاط الزلزالي والبركاني في الجزء الشمالي من حرة رهط الواقع بالقرب من المدينة المنورة، بالإضافة إلى حرة خيبر ، وحرة الشاقة، وحرة عويرض، وكذلك تتابع كافة المتغيرات المصاحبة لهذا النشاط من حيث تشوهات القشرة الأرضية وقياس الغازات، كما تقوم الهيئة برصد أية تغييرات في الحرارة الأرضية عن طريق دراسة الآبار ، وتقوم بإجراء دراسات التوقع لأي نشاط بركاني محتمل عن طريق المراقبة المستمرة، وإجراء الدراسات العلمية والمعملية.