كشف وزير العدل الدكتور محمد العيسى عن بلوغ القضايا المتصلة بمشاكل اجتماعية ما نسبته 60% من القضايا التي تتلقاها المحاكم، واصفاً النسبة بالكبيرة، ومؤملاً أن تتقلـص عن طريق مكاتب الخدمة الاجتماعية "خاصة أن للأخصائي دورا في حلها في مهدها ودون أن تصل إلى القضاء".
وأفصح العيسى، عقب افتتاحه ملتقى "دور الخدمة الاجتماعية في محاكم وزارة العدل" في الريـاض أمس، عن أبرز ملامح مذكرة التفاهم التي وقعتها وزارته مع وزارة الشؤون الاجتماعية، قائـلا إنها تتضمن تفعيل دور الأخصائيين في المحاكم وقيامهم بدور المساند للقضاة والمصلـح لذات البين، قبل وصول الدعـاوى إلى القـضاء، مؤكدا أن الاتفاقية تسعى إلى تعزيز دور مكاتب الصلـح الموجودة في المحاكـم.
وقف وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى إلى جانب القضاة، بعد أن كثر الحديث عن ساعات عملهم، وحذر من مقابلة أحد الخصوم للقضاة في غير مواعيد الجلسات دون حضور خصومهم لشرح قضاياهم، واعتبر ذلك "خطاً أحمر"، مؤكدا أن الأحكام الغيابية ستحد من تهاون وتخاذل المتغيبين عن الجلسات القضائية.
وأوضح العيسى، أن قضاته يداومون أكثر من غيرهم. وقال "كافة طاقتهم بذلوها، وهو أمر متأكد منه بنفسي، فهم يعملون في مكاتبهم ومنازلهم بجهد في الدراسة والبحث وكتابة الأحكام، وأشهد على ذلك بنفسي، فأنا كنت قاضيا في السابق وأعرف ماذا كان يعمل زملائي، وماذا كنت أعمل بنفسي، فهم يعملون أكثر من غيرهم، ومن شكك في ذلك فليأتيني وأطلعه بنفسي على أرض الواقع". جاء ذلك عقب افتتاحه أمس، فعاليات ملتقى "دور الخدمة الاجتماعية في محاكم وزارة العدل" والذي تنظمه وزارة العدل بمشاركة الجمعية السعودية للدراسات الاجتماعية في الرياض، ويستمر يومين.
وأكد العيسى أن متابعة القضايا من قبل المتخاصمين لا تتم مع القضاة، بل مع سكرتير القاضي أو أمين سر المحكمة أوالأجهزة الإدارية. وقال "أن تدخل على القاضي وتناقشه في قضيتك بدون حضور الخصوم وفي غير وقت الجلسة، فهذا لا يصلح وخط أحمر، إلا إذا كان في جلسة المرافعة حتى لو كان الخصم غائباً".
وفي ردٍه على سؤال لـ"الوطن" حول أبرز ملامح لائحة المماطلين والمتهربين من حضور الجلسات في المحاكم، بيّن العيسى أن المشروع لا يزال في طور الدراسة، والتي رفعت مشمولة بإستراتيجية معالجة بطء التقاضي، وعدم جدية البعض في حضور الجلسات أثر على الخصوم ومواعيد الجلسات وأربكها.
وأضاف: من المعالجات النظامية في هذا الجانب الأحكام الغيابية فهى كفيلة بأي تهاون في الحضور للجلسات القضائية.
وفي استفسار آخر لـ"الوطن" حول مدى إلزامية المتخاصمين للمرور بمكاتب الأخصائيين الاجتماعيين قبل إصدار الأحكام، أوضح العيسى أن وزارته رفعت مشروع نظام "الوساطة والتوثيق" والذي يلزم في حال إقراره بأن يمر جميع المتخاصمين عن طريق تلك المكاتب، ومن لم يقتنع بما آلت إليه تلك المكاتب فإن القضاء يحسم ويبت أي إشكال.
وكشف العيسى عن وصول حجم قضايا المشاكل الاجتماعية إلى ما نسبته 60%، واصفا تلك الأرقام بـ"الكبيرة"، مؤملاً أن تتقلص عن طريق مكاتب الخدمة الاجتماعية خصوصاً وأن للأخصائي دورا في حلها في مهدها ودون أن تصل للقضاة.
وحول أبرز ملامح مذكرة التفاهم التى تم توقيعها مع الشؤون الاجتماعية حيال دور الخدمة الاجتماعية في المحاكم الشرعية، بيّن العيسى أن أبرز ملامحها تفعيل دور الأخصائيين في المحاكم وقيامهم بدور المساند للقضاة والمصلح لذات البين قبل وصولها إلى القضاة، ومساهمتهم في تخفيف أعباء القضايا وخدمة الخصوم وللمجتمع.
وأكد العيسى، أن وزارته لديها مكاتب صلح في المحاكم، وهذه الاتفاقية تسعى لتعزيز هذه المكاتب، مؤملاً أن تضطلع الجهود الاجتماعية خارج أروقة المحاكم وقال "نريد أن يذهب المتخاصمين إلى هذه المكاتب قبل أن يستشعروا أنهم ذهبوا إلى القضاة".
وأبان العيسى أن الملتقى يأتي ضمن المراحل العلمية لمشروع خادم الحرمين الشريفين لمرفق القضاء، مشيراً إلى أن من الخيارات المتاحة لدى الوزارة الاستفادة من القضاة المتقاعدين في تلك المكاتب لما لهم خبرة طويلة في هذا الجانب.
وأبان العيسى أن مكاتب الخدمة الاجتماعية ستتبع وزارة العدل بإسناد ومتابعة من قبل الجهات ذات العلاقة، وأن هذا الملتقى شراكة بين الجهات المختصة . وبين العيسى، أن وزارته فرغت القضاة من كافة أعبائهم الإدارية، مؤكداً وجود شواغر إدارية عديدة ستسند القضاء من الناحية الإدارية ونعمل على شغلهم وقد شغلنا قبل فترة ما يقارب الـ 1500 وظيفة ونحن بصدد شغل ما يقارب الـ 3000 وظيفة شاغرة وندعم بها المحاكم وكتابات العدل، وسيكون من بينهم باحثين ومحضري قضايا ومستشارين. وشدد العيسى في كلمته خلال الافتتاح، على أهمية الملتقى بوصفه يناقش قضية واقعية حُشد لها العديد من الآراء التي رُصدت واستقرئت من خبراء في السلك القضائي وذوي الاختصاص، مشيرا بأنها ستكون محل المناقشة والطرح ضمن المراحل العلمية لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء.
وشدد العيسى على أن وزارته ارتأت إيجاد بدائل التقاضي، وقدمت مشاريع تنظمها مشمولة بمواد وأحكام تضع النقاط على الحروف وتجعل القضاء يسير بشكل يكفل معه حلول بعض الإشكالات الاجتماعية. من جانبه، عد وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين في كلمته أثناء حفل تدشين الملتقى، تبني مبادرة تفعيل الخدمة الاجتماعية في المحاكم الشرعية عبر إنشاء مكاتب للخدمة الاجتماعية في المحاكم الشرعية في بلادنا خطوة حضارية متقدمة. وقال إن هناك مشكلات وظواهر اجتماعية جدت على المجتمع السعودي كارتفاع نسبة الطلاق وازدياد نسبة الخصومات التي تقع بين الأزواج، وأن الخلافات والخصومات كانت في الماضي تُحل في إطار الأعراف والتقاليد التي تربط الأسرة بمحيط المجتمع، أما الآن وبسبب ضعف العلاقات الأسرية ، فقد أصبحت الحاجة ملحه إلى وجود أوعية معاصرة يمكن من خلالها تسوية الخلافات الأسرية، دون الحاجة إلى الوصول إلى القضاء الشرعي.
وأعلن العثيمين عن إطلاق العمل بوحدة الإرشاد الاجتماعي التي تشرف عليها الوزارة من خلال رقمها المجاني "8001245005" الذي يهدف لتقديم الرأي المتخصص والمشورة المهنية في المجال الاجتماعي والأسري.
من جانبه، اقترح رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، إنشاء برنامج يطلق عليه اسم "تسامح" لتعليم الناشئة وأفراد المجتمع تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم وتعاليم الدين الإسلامي الحنيفة حول أهمية التسامح والتنازل وترابط المجتمع. وبيّن سموه أن ما نسبته 90% من القضايا في الولايات المتحدة الأمريكية تحل خارج المحاكم عبر الصلح. وقال في رسالة وجهها إلى القضاة "الله يعينكم على كم القضايا التي تنصب عليكم، فأنتم تصبحون على مشاكل وقضايا مرعبة".