يعيش بيننا الآلاف من ذوي الإعاقات الحركية وغير الحركية، المسألة ليست خاصة بمن ولدوا بهذه الإعاقات فقط، بل النسبة تزداد بزيادة حوادث السيارات اليومية، وجميعنا معرضون لهذا المصير دون استثناء، مع ذلك نتناسى الأمر، فجميعنا مقصرون بشكل كبير جدا تجاه المواطنين والمواطنات من ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء كان هذا التقصير من مؤسسات الدولة بمختلف قطاعاتها أو نحن كأفراد، أبسط الأمثلة على هذا التقصير هو قرار وزارة التربية والتعليم بدمج طلاب وطالبات ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الحكومية لدينا، هذا القرار المأساوي يأتي على حساب من يعانون من إعاقات حركية بشكل خاص، أتعلمون لماذا؟ لأنه ببساطة يتم دمجهم في مدارس غير مهيأة بيئيا لاستقبالهم، فلا مصاعد كهربائية تُمكنهم من الصعود للأدوار العليا مما يضطر إدارات المدارس لجعل فصولهم في الدور الأرضي، وتخيلوا معاناة هؤلاء الطلاب والطالبات في الصعود للأدوار الأعلى إذا ما أرادوا المشاركة في فصول النشاط مثلا، الأمر الذي يكرس في نفوسهم النقص النفسي عن أقرانهم، بل من المؤسف أن يأتي هذا القرار دون تأهيل الطلاب والطالبات الأصحاء في المدارس بزملائهم من هذه الفئة، ولهذا نرى بشاعة التصرفات من بعضهم تجاه هذه الفئة دون إدراك أو وعي إنساني.

وقس على هذا الانتهاك لحقوقهم، بعدم توفير بيئة تسهل تحركهم في المدارس الحكومية، على غيره في المجتمع، كمباني المؤسسات والجهات الحكومية وشوارعنا وبيوتنا وعمائرنا والأماكن العامة إلا قلة قليلة جدا، إذ تخلو معظم المباني والأرصفة من المنحدرات والإشارات واللوحات والطرق الخاصة بأصحاب الإعاقة الحركية والبصرية، وإشارات المرور هي الأخرى لا تراعيهم، ففي بعض الدول تجدها مزودة بأزرار تحكم تُمكنهم من إيقاف المرور لقطع الطريق، أما هنا فلا أحد يعيرهم أي اهتمام أبدا، بل حين يفكرون في الخروج إلى الشارع فإنهم يضربون أخماس في أسداس ويفكرون مائة مرة، لأن خروجهم سيكرس معاناتهم لعدم وجود تسهيلات في تنقلهم وتحركهم، فالمدن لدينا رغم التحديث المستمر لها وتكسير وسفلتة الشوارع اليومي، إلا أنها مع الأسف الشديد غير مُخططة هندسيا لتفي بما يحتاجونه ويسهل تحركهم، أما أسوأ انتهاك نمارسه نحن كأفراد المجتمع تجاههم في أقل ما يتوفر لهم من حقوق، هو حين تجد بعض الذين لم يفهموا معنى المسؤولية الاجتماعية يُوقفون سياراتهم في المواقف الخاصة لسيارات ذوي الإعاقة رغم وجود لوحات تفيد بذلك، وهي عادة تتميز بقربها من بوابات الأسواق والأماكن العامة، إلا أنه بكل دم بارد نرى الآخرين يوقفون سياراتهم فيها، فيسببون لهم معاناة شديدة، وكأنهم لا يعيشون بيننا؟

أخيرا؛ هؤلاء لديهم صوت ويجب أن يُسمع من قبل المسؤولين وأمناء المدن، إنهم يريدون حقوقهم كمواطنين ومواطنات فهل تسمعون؟