لا أخفي أنني ممن استقبل قرارات إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم الأخيرة فسره قرار وأزعجه آخر. ما سرني بحق هو سماعي للرئيس العام الأمير نواف بن فيصل يطرح فكرة منح الفرصة لشبابنا من مواليد المملكة من الدول الشقيقة والصديقة بممارسة النشاطات الرياضية بشكل منظم واندماج تام وفق آلية ستصدر قريباً. وما ساءني هو قرار تقليص عدد اللاعبين غير السعوديين في الملاعب السعودية من أربعة لاعبين إلى ثلاثة فقط !!

سأرجئ الحديث عن تقليص اللاعبين غير السعوديين لمناسبة تالية، لكن ما سأناقشه في هذه السطور هو استشراف لفكرة الاستعانة بالمواليد من الشباب ممن لا يحملون الجنسية السعودية، وهي خطوة ممتازة بكل ما تحمله الكلمة من معنى لعدة أسباب.. أوجزها بالتالي:

أولاً.. هذه الفكرة تأخرت سنوات طويلة جداً، وحرمت الرياضة السعودية - برأيي - من كفاءات وقدرات رياضية شابة كان بمقدورها أن تقدم الإضافة مع بقية إخوانهم من شباب هذه الأرض. وثانياً.. لسنا شططاً عندما نستفيد من هذه الشريحة في مجتمعنا، فمن يتابع بفهم يطلع على حقيقة منتخبات العالم ورياضييها، ويتعرف على حقائق عدة فيما يتصل بأصول هؤلاء الرياضيين، فمثلاً، لنلقي نظرة على تشكيلات منتخبات كرة قدم لدول متقدمة رياضياً نجد خلالها عناصر عدة تشارك رغم اختلاف اللون والاسم المتداول لهذه الدول، وساهموا في تحقيق مكتسبات كبيرة معها. كذلك الحال بالنسبة لألعاب القوى، نجد أن أكثر من 40 % من تشكيلات منتخبات فرنسا الرياضية المختلفة من أصول غير فرنسية، وساهموا في تحقيق ميداليات عالمية وأولمبية، وحصلوا على بطولات القارة الأوروبية وكأس العالم لكرة القدم وكرة اليد ونحوها من الرياضات. والمنتخبات الأميركية لألعاب القوى هي الأخرى مليئة بكثير من العناصر الذين تعود أصولهم لشعوب أخرى، لكن هذا لم يمنعهم من تقديم جهدهم وطاقاتهم لخدمة الرياضة سواء الفرنسية أو الأميركية.

أمر ثالث مهم في هذا الموضوع، وهو أن هناك تراجعاً مخيفاً في الرياضة السعودية يشمل كافة الرياضات عدا الفروسية التي كانت وما تزال الواجهة المشرفة للرياضة السعودية في العشرية الأخيرة، وحافظت على تناغمها مع المنافسات الإقليمية والقارية والدولية.

ومع التحاق شريحة الشباب من مواليد المملكة ستزداد الأعداد، وتتسع قاعدة الاختيارات، ومعها يرتفع سقف التنافس، ويختلف شكل المنافسات، وتتعدد الفرص للأبطال وتعاقبهم، ونشوء أجيال رياضية ممتدة يمكن لها أن تحفظ التوازن للرياضات، ومع هذا كله تتاح الفرص لمدربي المنتخبات الوطنية لاختيار الأفضل، والتعرف على البدائل الممكنة، بالتالي تكون هناك بالفعل منتخبات وطنية متوثقة وحيوية لا تتوقف فرص منافستها على عناصر بعينها.

ما أرجوه من اللجنة المشكلة لدراسة آلية الاستفادة من هؤلاء الشباب أن توفر كل ما من شأنه تحفيزهم وشحذ هممهم واستثمار طاقاتهم، جنباً إلى جنب مع إخوانهم وأشقائهم اللاعبين المحليين دون أي لون من ألوان التمييز.

وبالنسبة للإعلام الرياضي عليه أن يحسن تسمية هذه الشريحة في تناوله وأطروحاته المستقبلية، والابتعاد عن نعتها بـ(الأجنبية)، لأنها في الواقع ليست أجنبية، بل هم إخوة أعزاء شربوا مما شربنا وتلقوا ما تلقيناه من نسائم هذه الأرض وخيراتها.

والله من وراء القصد.