حشد حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في اليمن والمعارضة أنصارهما أمس في إطار "مسيرات الجمعة" التي تشهدها العاصمة صنعاء وبقية مناطق البلاد في مثل هذا اليوم من كل أسبوع لاستعراض القوة. وتجمع أنصار الحزب الحاكم في ميدان السبعين، بينما تجمع أنصار المعارضة في شارع الستين. وكان عشرات الآلاف من أنصار النظام قد احتشدوا بميدان السبعين تحت عنوان "جمعة الوفاء لله والوطن والقائد"، حيث هاجم خطيب الجمعة المعارضين المطالبين بإسقاط النظام ورحيل الرئيس علي عبد الله صالح، متهماً إياهم بـ"السعي إلى الاستحواذ على السلطة عبر استغلال الظروف الطارئة والحرجة التي تمر بها البلاد". وحذر من مخاطر سقوط النظام السياسي القائم "على حياة الناس واستقرار البلاد". وقال إنه "بسقوط النظام سيتخبط الناس في النهب والسلب والقهر وسينتشر القتل في الشوارع ويسيل الدمع من المدامع" معتبراً أن "الخروج عن الشرعية وطاعة ولي الأمر سيكون بمثابة خروج إلى الفوضى والشتات وتدمير مقومات استقرار الأمة".
وطالب الخطيب من وصفها بـ"الأغلبية الشعبية المؤيدة للشرعية الدستورية القائمة التي يمثلها ولي أمر اليمن المنتخب من قبل الشعب، بإحباط المخططات الهادفة إلى زعزعة استقرار اليمن وإشعال فتيل الفتن والقلاقل والحرب الأهلية في البلاد عبر التصدي للمحاولات الرامية إلى فرض واقع الانقلاب على الشرعية القائمة بطرق غير مشروعة". كما ردد مؤيدو الرئيس صالح هتافات تحثه على التعجيل بالعودة إلى البلاد واستئناف "قيادة سفينة الوطن إلى بر الأمان"، وهي عبارة اختزلتها لوحة رفعها أحد المشاركين في المسيرة؛ حيث أظهرت الرئيس صالح كربان يقبض بيديه على دفة سفينة تبحر بين أمواج عاتية ليعارك العواصف ويقترب بالسفينة من شاطئ الآمان الذي يلوح في الأفق.
وفي المقابل شهدت العاصمة صنعاء و16 محافظة أخرى مظاهرات تصعيد للفعاليات الشعبية الاحتجاجية المطالبة بإسقاط النظام الحاكم والتعجيل بتدشين المرحلة الثالثة من الفعل الثوري عبر تشكيل مجلس انتقالي، وإقصاء ما تبقى من رموز النظام القائم من السلطة. واتسم مشهد الفعاليات الاحتجاجية التي شهدتها صنعاء أمس مع 16 محافظة يمنية وشارك فيها ما يزيد عن خمسة ملايين شخص بتصاعد لافت لمظاهر التباين في الرؤى والمواقف بين المعتصمين في الساحات العامة والنخب السياسية المعارضة حيال تحديد خارطة الطريق الأقل كلفة؛ لتتويج الثورة الشبابية القائمة في البلاد بتحقيق الأهداف المحددة في أدبياتها المعلنة والمتفق عليها.
وشن خطيب جمعة الستين هجوماً حاداً على نظام الرئيس صالح متهما إياه "بتقنين الفساد وتدمير مقدرات الأمة والسعي إلى تأصيل ثقافة الكراهية والتنابذ الاجتماعي"، داعياً نائب الرئيس عبدربه منصور هادي إلى الإسراع بنقل السلطة وإبداء قدر أكبر من التعاون والتجاوب في إزالة المظاهر المسلحة من الشوارع والأحياء وإنهاء أسباب التوتر. وشدد على أهمية تشكيل لجان حماية شعبية للأحياء السكنية في كافة المدن اليمنية، متهماً صالح بالتوجيه لإطلاق سراح أصحاب السوابق من السجون للقيام بأعمال النهب وجرائم السرقة والقتل بهدف إلصاقها بالمعتصمين في ساحة التغيير. كما طالب الخطيب بالتعجيل بالحسم الثوري عبر تشكيل مجلس انتقالي في حال تعنت نائب رئيس الجمهورية في نقل السلطة بشكل سلمي وسلس.
وفي سياق متصل قالت مصادر دبلوماسية أمس إن شخصيتين تمثلان السلطة والمعارضة في اليمن التقتا قبل أيام في أوروبا لبحث صيغة سياسية تؤدي إلى إخراج البلاد من أزمتها. وأوضحت المصادر أن "اللقاء في إحدى العواصم الأوروبية وقد تكون لندن، جرى بين ياسين سعيد النعمان رئيس اللقاء المشترك المعارض وعبد الكريم الأرياني مستشار الرئيس علي عبد الله صالح للشؤون السياسية؛ اللذين ناقشا صيغة حل توفيقي لإخراج اليمن من أزمته". وتابعت أن الحل قوامه "تشكيل حكومة توافق وطني تتولى اتخاذ الخطوات اللازمة" في سبيل تحقيق ذلك.