في خطوة وبادرة جميلة من الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم تم توقيع عقد إنشاء كرسي "رسل السلام" بتمويل من وزارة التربية لخدمة التعليم في منطقة حائل، الأمر الذي يجعلنا نطالب بتوسيع هذا المشروع الإنساني على مستوى كافة المحافظات والمناطق التعليمية.

في الأمم المتحدة هناك مجموعات تعرف "برسل السلام" يتم اختيارهم بعناية في ميادين الفن والأدب والموسيقى والرياضة، عملهم المساعدة في جذب انتباه الرأي العام العالمي للسلام وزيادة الوعي، وهنا نأمل أن يتجه "كرسي رسل السلام" إلى عمل نوعي، وشامل، يتجاوز قصره على الدراسات والأبحاث التي نادرا ما ترى النور بحيث لا يكون مجال تحركه فقط من خلال جمعية الكشافة السعودية. الأمر الذي سيحقق نتائج أكبر وأفضل.

إن أي مبادرات لها علاقة بدفع الإنسان إلى تبني قيم السلام والتعايش السلمي تستحق أن يشاد بها ويشار إليها، خاصة في هذا الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة العنف بكل أشكاله الفكرية والمجتمعية والإنسانية.. والأكثر جمالا في هذا المشروع "كرسي رسل السلام" هو أنه يستهدف قطاع التعليم وهو القطاع الأهم الذي يخرج الأجيال التي سوف تحمل قيما كبيرة وعظيمة تمس فكرة السلام في بعدها الحقيقي.

إن بث هذه القيم وتكريس الأبحاث والدراسات والوعي وكل ما يتعلق بها لتأهيل رسل سلام يمثلون هذه المبادئ لهو أحد أهم احتياجات هذا القطاع التعليمي بكافة مراحله، لما سيفتحه أمامنا من منطلقات جديدة لتبني قيم السلام وبثها والتعبير عنها من خلال منافذ متاحة.

ويمكن أن تُدرَّس مخرجات "كرسي السلام" في المدارس لأن مثل هذه المبادئ التي تقدم للطفل وللشباب في بدايات تكوينه تنشأ عنها ذوات متمايزة في العلاقات الإنسانية على أرض الواقع، وفي تعزيز علاقة الشباب بالمعاني الكبيرة للتعايش والسلام وهم الذين سيصبحون غدا جزءا من الوطن الكبير يمارس ما تعلمه من وعي وتوجيه في العلاقة بين الإنسان والإنسان، والعلاقة بين الإنسان والعالم من حوله، هذه العلاقة الخطيرة والهامة والتي نراها اليوم تعاني من تأزم وإشكاليةً كبرى في التصادم مع الآخر إما بمعاداته أو الاندماج في هويته.

كرسي "رسل السلام" إذا تم توسيع دائرته بإمكانه التخفيف من فوضى الاختلاف والاحتقان والإقصاء التي بدأت تنتشر علنا في المجتمع من حولنا. حيث أصبحنا نصطدم يوميا بأشخاص وبأفكار وكأنها تتحرك ضدنا، مبررة التعطش للقتل، والإقصاء، والتكفير، ورفض التعايش السلمي مع الآخر بمبررات يصعب تقبلها.