إن كنت سأحسد أحدا على شهرته الواسعة وحضوره المذهل في أذهان أطفالنا ومناهجهم الصفية واللاصفية فهو ذلك المعجزة "الكرتونية"، والمدعو السيد "سبونج بوب"، فمع أنه بدأ مثل أي شخصية كرتونية صنعت شكلا وفكرا هناك في أقاصي الغرب، ثم ترجمت إلى العربية بلسان عربي "معوج" لتعرض يوميا على معظم قنوات الأطفال العربية، إلا أنه استطاع تجاوز حدود الشاشة الصغيرة بكل رشاقة وهو "السمين المربع"، فوصل إلى مدارسنا ليصبح وسيلة تهدئة "شغب" الأطفال، والأيقونة الأسلم لجذبهم إلى مقاعدهم الدراسية، بل إن جدران الصفوف الأولية في بعض المدارس السعودية تكتسي بهذا الكائن العجيب الذي أنسانا (ونحن من خط الشيب مفارقنا) السمين الآخر العتيق "نعمان" الذي كان الوجبة المنزلية اليومية لنا، أيام عز" افتح يا سمسم" والإنتاج البرامجي المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي.. فما بالك بمن لم يعرف لا "نعمان" ولا "عبلة"؟.
المذهل أن يتحول هذا الـ"سبونج بوب" من فيلم كرتوني للتسلية في المنازل إلى ما يشبه الفرض الدراسي الذي يجب على الطفل في مراحل دراسته الأولى أن يشاهده في جدران فصله وعلى أغلفة كتبه وحقائبه وحتى في هداياه التي يحصل عليها من المعلم عندما يتميز ويتقن دروسه!. ولكي تكون الصورة واضحة فأنا هنا لا أعتقد أن المدارس ومعلمي الصفوف الأولية يقصدون بذلك ترسيخ القيم والمفاهيم التي تبثها هذه الشخصية في حلقات يومية يتسمر أمامها أطفالنا يوميا في منازلهم، ولكن من الواضح أن المعلمين وجدوا أن جلب هذه الشخصية إلى الفصل الدراسي سيحبب الطلاب بالمدرسة ويجذبهم لها، وهو أمر يشي باستسلامنا في تربية وتعليم أطفالنا في المدارس للصورة التلفزيونية "المدبلجة"، كما استسلم "الكبار" لغراميات وعشق "مهند" لـ"نور"! السؤال هنا هل لدى التربويين حاملي "الشهادة الكبيرة" الذين أصبحوا أكثر من عدد الحصى، حلول واقعية لظاهرة "سبونج بوب" وأشباهها؟. حقيقة لا أعتقد.. والسبب بسيط لأن الجميع يعرف أن الكثير من هؤلاء "التربويين" الذين يتبخترون بهذه الشهادة في كل مكان، حصلوا عليها من أحد "الدكاكين" المجاورة لمنازلهم باعترافهم هم!.