السعوديون يريدون أن يفرحوا ويشعروا بالسعادة والطمأنينة والأمان في تجمعاتهم العائلية، هذا ما يثبتونه كل يوم بتعاملهم مع الأحداث الثقافية والوطنية والترفيهية. إنهم ينتظرون كل فعالية ثقافية كانت أو ترفيهية تقيمها الدولة بنهم وشغف شديدين، لتجدهم بعشرات الآلاف يذهبون مع أسرهم للاستمتاع بها منذ اليوم الأول.. نرى ذلك باحتفالات عيد الفطر المبارك ومعرض الكتاب الدولي بالرياض واحتفالات اليوم الوطني ومهرجان الجنادرية الثقافي الوطني الذي عقد مؤخرا، وإلا بماذا يُمكن تفسير إقبال ما يقارب مليوني مواطن وعائلاتهم بالأيام الأولى من مهرجان الجنادرية؟! هذا الإقبال الشديد يؤكد مدى حاجتهم إلى الترفيه والفرح، وهو من حقهم، إلا أنه مع الأسف الشديد هناك قلة قليلة جدا ليسوا شيئا يُذكر أمام 27 مليونا، لا يرضون في كل عام وفي كل مناسبة إلا بفرض وصايتهم وتشويه هذه الفعاليات وإثارة الهرج والمرج وإفزاع الناس بما يفعلونه نتيجة مزايدات رخيصة على الدولة التي تحكم بالشريعة الإسلامية ولا ترضى أبدا أن يتم تجاوزها، مهما كان المتجاوز، كائنا من كان. ما يؤكد ذلك العدد البسيط من المتحمسين، ما يقارب 60 شخصا، ممن تجمهروا عند بوابة الجنادرية بعد تحريضهم من قبل مشايخ متطرفي التوجه، خرجوا عن نص الأمر الملكي بعدم السماح بالإفتاء إلا من خلال هيئة كبار العلماء، في تحد صريح ومزايدة رخيصة على الدين ضد الدولة والمهرجان الوطني الذي هو من الأهمية بما يمثله ويعززه من رمزية للوحدة الوطنية، والذي ترعاه عين خادم الحرمين الشريفين، الذي لا يسمح أبدا بتجاوز الشريعة الإسلامية من أيّ كائن، إلا أنهم مع الأسف الشديد ورغم أنهم أقلية يريدون فرض تطرفهم ضد السعوديين، بل وتقديم صورة مشوهة عن الإسلام.. هذا الدين العظيم السمح الذي هو دين حياة وحضارة وجمال وإنسانية.
وأتساءل هنا بصراحة شديدة؛ فهذا الأمر يتكرر سنويا ومع كل فعالية تقوم بها الدولة؛ فإلى متى سيستمر إفزاع السعوديين وعائلاتهم ومحاولة اغتيال أفراحهم نتيجة تشدد فئة قليلة تريد احتكار الدين واختطاف المجتمع من النظام؟! إلى متى سيتم التعامل بحسن نية مع هؤلاء الذين شاهدناهم عبر "يوتيوب" بما أثاروه من فوضى بحجة الاحتساب رغم وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تقوم بذلك؟! متى سيصدر قانون يُجرم هذه الأفعال بصفتها إثارة للشغب؟! وبكل صراحة لو لم يتم تجريم ذلك باتخاذ ما يلزم تجاههم وتركهم يثيرون الفوضى بحجة الاحتساب في كل مرة ويفزعون الناس فنحن لا نعلم إلى أي حد سيصلون غدا!! ولا نريد العودة إلى المربع الأول الذي اكتوى منه المجتمع وهو الإرهاب؛ خاصة أن بعض شيوخ الإرهاب الفكري ما زالوا خلف الإنترنت وقناة "يوتيوب" يستغلون هؤلاء المتحمسين دينيا من الشباب الصغار، ويدفعونهم إلى ما لا يحمد عقباه ويهدد أمننا الاجتماعي.