في خطبة يوم الجمعة الماضي، في جامع الحي الذي أقطن فيه، تحدث الإمام قائلا إن من أسباب تفشي الإلحاد بين شبابنا أمرين.

الأول يكمن في ابتعاث الطلبة للخارج والثاني في توفر أجهزة الجوال و(النت) وبالتالي اطلاعهم على ما يكتب في شبكات التواصل الاجتماعي الجديدة، وهم في الحالتين غير محصنين لمواجهة ما يقال لهم أو ما يقرؤونه ويشاهدونه.

وأضاف الإمام أن لديه من الحقائق والمعلومات المثبتة والمسجلة ما يفيد بدخول ثلاثين مبتعثا في الدين النصراني، وأن مجلس الشورى وجهات أخرى مسؤولة تبحث في هذه المسألة.

وبغض النظر عن مصداقية معلومة دخول السعوديين في الدين النصراني وبغض النظر عما إذا كانت حالة الإلحاد منتشرة في مجتمعنا أم هي مجرد حالات لا تصل إلى حد الظاهرة، فإنني سآخذ الموضوع على أنه حقيقة، والمعلومات التي قالها الخطيب دقيقة ومن ثم أسأل الخطيب عن المنهج الذي يريد منا اتباعه في تحصين شبابنا لمنعهم من التأثر بالأفكار الهدامة التي تصل إلى حد الإلحاد؟

فنحن بفضل الله تعالى نولد على الفطرة في بيئة إسلامية، وندرس المناهج الشرعية في كافة مراحل التعليم، وكل ما حولنا وبيننا قائم على دين الله العظيم، فكيف لشباب هذا هو حال الوسط الذي هم فيه أن يلحدوا؟ أو أن يعتنقوا دينا غير دين الله الحق؟

فيما لو كان كلام الخطيب صحيحا مئة بالمئة، وحالة الاستغراب التي تحاصرني منطقية، فينبغي عدم ربط حجم المعلومات والمعارف والتوجيهات الدينية التي يسمعها الشباب في المدرسة والإعلام والمسجد والبيت، بالنتائج التي يفترض أن تكون متوافقة مع تلك المعطيات، بمعنى أن نستبعد حضور الإلحاد أو ،في الحد الأدنى، العزوف عن تطبيق بعض تعاليم الدين أو اتخاذ موقف غير إيجابي منه.

في ظني أن السبب يكمن في الكيفية التي نشرح بها تعاليم الدين وموقفه من مستجدات العصر وتحدياته بالطريقة والكيفية التي تتلاءم مع عصر الجوال و(النت) وشبكات التواصل الاجتماعي ذات العلاقة بهذه التقنية الجديدة، فالمشكلة ليست في الأجهزة ذاتها ولا فيما تحتويه، إنما المشكلة في الآلية والكيفية والمنهج المتبع في استيعاب واستثمار هذه المستجدات التي يتعامل معها الشباب، فالواضح أن الأكثرية لم يتعاملوا مع الشباب وفق العصر الذي هم يعيشونه، ولهذا وصلت إليهم الرسائل المتعلقة بهذا الدين العظيم منحرفة أو خاطئة أو غير مقنعة أو منفرة أو كلها مع بعض.

بودي أن يعود الإمام ليقرأ شيئا مما حذرت منه في مقالات سابقة مستشهدا بآراء دعاة وطلبة علم أفاضل من أن مسألة التنفير في الدعوة وغياب القول المقترن بالعمل وسوء الظن بالشباب والمبالغة في الأخذ بباب سد الذرائع قد تكون سببا في سوء فهم الشباب للدين ومقاصده.

أتمنى ألا يكون كلام الخطيب صحيحا، وفيما لو كان استنتاجيا أيضا غير صحيح، أتمنى أن يشاركنا غيرنا الرأي في هذه المسألة حفظا لشبابنا من كل توجه أو اعتقاد باطل.