تسبب خلاف حول الاتجاه الصحيح للقبلة في مساجد محافظة الريث في امتناع كثير من المواطنين عن أداء الصلاة فيها.
وبدأت أزمة الأهالي مع القبلة حين ظهر الجامـع الجديد الذي تكلف بناؤه مليون ريال باتجاه للقبلة يختلف عن بقية المساجد، وهو ما شكك كثيرا من المواطنين في صحة صلاتهم، خاصة أن الأمر لم يحسم حتى الآن من أية جهة مسؤولة.
وتساءل المواطنون إن كانت المساجد القديمة تتخذ اتجاها خاطئا للقبلة، أم أن اتجاه الجامع الجديد هو الخاطئ، وكيف يحدث مثل ذلك الخطأ في ظل عصر التكنولوجيا والأجهزة الحديثة لتحديد المواقع.
وأكد محافظ الريث عثمان الراجحي أنه تم تشكيل لجنة من جهات حكومية عديدة لدراسة الموضوع وتحديد المساجد التي يوجد بها خلل في اتجاه القبلة للرفع بها إلى الشؤون الإسلامية لاتخاذ اللازم، فيما قال مدير عام الشؤون الإسلامية والأوقاف في منطقة جازان الشيخ محمد مدخلي: إنه خاطب الجهات الرسمية ومحافظة الريث لتشكيل لجنة وتحديد المساجد التي يوجد فيها الإشكال والرفع بها إلى إدارة الأوقاف لتتمكن من حل الموضوع عن طريق المكتب المختص بالإدارة لتحديد جهة القبلة.
نشب خلاف بين أكثر من 20 ألف مواطن من سكان الريث بسبب الاختلاف حول وجهة القبلة لبعض جوامعها ومساجدها، مما تسبب في ترك بعض المصلين للصلاة في تلك المساجد. ويقول المواطن شعبان بن وجعان عريفة آل أحمد بالريث إنه بعد اكتمال بناء الجامع "كلف أكثر من مليون ريال" فوجئوا بأن القبلة التي تخص الجامع مختلفة عن بقية المساجد الستة الأخرى والتي يعتبرونها هي الصحيحة، لأنها بنيت من قبل خبراء في النجوم من القدماء. واستشهد وجعان بقوله تعالى (وعلامات وبالنجم هم يهتدون ). وقال: كنا قديما نسترشد بالنجوم لتحديد الجهات وتحديد القبلة ونعتبر هذه النجوم أكثر دقة، وكان يوجد لها خبراء يحددون الاتجاهات بعلامات النجوم، مؤكداً أنها كانت طريقة دقيقة. واستغرب ابن وجعان من عدم دقة قياس القبلة وقد توفرت أجهزة حديثة لتحديد الاتجاهات والمواقع بشكل حديث ودقيق. وأضاف أن اختلاف القبلة في الجامع أثار استغراب الجميع وسبب بلبلة لدى الأهالي، خصوصا أن الجامع حديث والمساجد الأخرى قديمة ولا يدرون هل المساجد القديمة على القبلة بشكل صحيح أم الجامع الجديد. وأضاف أنهم سارعوا إلى توقيع عريضة وقع عليها عشرة مشايخ من وجهاء محافظة الريث وتم تسليمها لمكتب الأوقاف في المحافظة للنظر في هذا الموضوع الهام والعاجل، و قام المكتب بتسليمها لإدارة الأوقاف في منطقة جازان. وأضاف أنهم يريدون إنهاء هذا الموضوع وإفتاءهم بطريقة رسمية بجهة القبلة في المحافظة ذات الجبال المرتفعة، لأن هذا أمر دين ولا يجوز أن تستمر الشكوك فيه، مطالبا بتشكيل لجنة عاجلة لبحث الموضوع وتفنيد الشكوك حول اتجاه القبلة في المحافظة، إلا أنهم لم يتلقوا إلى الآن أي شيء رسمي من إدارة الأوقاف مما ساهم في هجر الناس لبعض المساجد والجوامع في الريث.
واعتبر المواطن محمد مفر السلمي (معلم ) أن الوضع في مساجد وجوامع الريث غير واضح وتشوبه الضبابية بسبب خلاف حول اتجاه القبلة، فالأئمة يشككون والأوقاف لم توضح بعد موقفها والأمور تتجه نحو الغموض، مطالبا الجهات الرسمية المختصة بالتدخل. أما المواطن علي جابر مدافي فبين أنهم يعيشون في وضع سيئ، خصوصا أن الموضوع حساس ولا يحتمل الانتظار ويجب الحسم فيه في أسرع وقت، خاصة أن معطم المساجد في اتجاه والجامع الكبير في اتجاه آخر.
وأشار المواطن مفرح محمد الريثي إلى أنه يتوجه في صلاة الجمعة إلى المحافظات المجاورة لأداء الصلاة هناك بسبب الشكوك حول اتجاه القبلة، وأنه يتحمل في سبيل ذلك مشقة كبيرة في الذهاب إلى المحافظات المجاورة، خصوصا أن المنطقة جبلية ووعرة -على حد وصفه-. و أوضح رئيس محكمة الأحد بمنطقة جازان القاضي الشيخ سلمان الودعاني أنه يجب على الإمام والمأموم استقبال جهة الكعبة لقوله تعالى "وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره"، ولحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( ما بين المشرق والمغرب قبلة)، وأما الانحراف إذا كان يسيرا لا يخرج المصلي عن الجهة فإنه لا يضر ولا بأس به، أما إذا كان يخرج الإنسان والمصلي عن جهة القبلة بحيث تكون القبلة وراءه أو عن يمينه أو شماله ففي هذه الحالة تجب إعادة الصلاة. وأضاف أنه ينبغي العناية بهذا الأمر، خاصة أن هناك وسائل حديثة يمكن ضبط الموضوع بها، والأولى الاهتمام والحرص بهذا الموضوع وعدم جعله مثارا للجدل المتكرر. و قال المراقب السابق في الأوقاف الشيخ عبدالرحمن جابر: هناك جهة مختصة في إدارة الأوقاف يعمل فيها موظفون مختصون ولديهم أجهزة حديثة ومتطورة لتحديد اتجاه القبلة، وهي المسؤولة عن تحديد القبلة لأي مسجد أو جامع في منطقة جازان، مستغربا هذا الإشكال الحاصل في محافظة الريث بشأن اتجاه القبلة. ومن جانبه أكد محافظ الريث عثمان الراجحي أنه تم تشكيل لجنة من عدة جهات حكومية لدراسة الموضوع وتحديد المساجد التي يوجد بها خلل في اتجاه القبلة والرفع بها للشؤون الإسلامية لاتخاذ اللازم، مضيفا أنه حريص على هذا الموضوع وسوف يتم التعجيل في حل المشكلة. "الوطن" أجرت اتصالا بمدير عام الشؤون الإسلامية والأوقاف في منطقة جازان الشيخ محمد منصور مدخلي، فأوضح أنه تم استلام شكوى من مشايخ الريث وأنه خاطب على الفور الجهات الرسمية ومحافظة الريث لتشكيل لجنة وتحديد المساجد التي يوجد فيها الإشكال والرفع بها إلى إدارة الأوقاف لتتمكن من حل الموضوع عن طريق المكتب المختص بالإدارة لتحديد جهة القبلة، مؤكدا حرصه على هذا الموضوع وأنه تحت متابعته الشخصية، وأن هذا الإشكال سوف يحل في القريب العاجل، وأنه لا تهاون في هذا الموضوع الديني الهام.