لم يكن التقرير الذي بثته قناة "العربية" مساء أول من أمس تحت عنوان (سوريا.. في جحيم القمع) الأول من نوعه الذي يؤكد أن منع وسائل الإعلام من دخول أي بلد يمكن اختراقه، والتعتيم لا يستمر. إذ وصلت من قبل أكثر من وسيلة إعلامية بمراسليها وكاميراتها مثل الـBBC والـCNN.. وغيرهما إلى أكثر الأماكن توترا. غير أن المراسلة في تقرير "العربية" كانت مهمتها أكثر قربا من المشاهدين لأكثر من سبب، منها: اللغة، وقدرة المراسلة على التعامل مع أعضاء التنسيقيات الذين سهلوا وصولها إلى الثوار فتنقلت بين الأماكن معتمدة على خبرتهم في التعامل مع عقليات العسكر ومواقع وجودهم، باذلة جهدا كبيرا لنقل صورة واقعية عن أماكن لا يصلها الإعلام، وكل ما ينقل عبر الشاشات منها ينجَز بجهود مواطنين بإمكانات بسيطة مثل كاميرا الجوال أو كاميرا صغيرة غير دقيقة.
استطاعت المراسلة والكاميرا الوصول إلى أعماق البلد حيث الاضطرابات، كما في مدينة الرستن، وحضرت إحدى الجنازات. وغامرت بالمرور في الليل بين الدبابات والمدرعات على دراجة نارية لتصل إلى موقع لواء الضباط الأحرار، فأخذت منهم تصريحات عن أسباب انشقاقهم وشهاداتهم على ما كانوا يرونه قبل الانشقاق، ومنهم من أكد عدم وجود عصابات مسلحة خلال وصفه للأحداث.
كذلك دخلت الكاميرا إلى أحد المساجد حيث كانت تقام الصلاة، ومع خروج المصلين بدأت مظاهرة قوية انطلقت إلى وسط المدينة. وتخلل ذلك تعليق عن بعض تلفيقات التلفزيون الرسمي من اعترافات لأشخاص بالتخريب والانتماءات الخارجية.. وخلاف ذلك من "حكايات" تسعى لتوجيه الأمور إلى "عصابات" تعيث فساداً وتخريبا في البلاد.
لم تتوقف الكاميرا التلفزيونية في مكان واحد، بل انتقلت إلى حماة وغيرها، وصورت آثار الدمار الناتج عن القذائف، ودفن الناس في حدائق عامة لعدم التمكن من الوصول للمقابر، ولم تغفل الأم التي كانت تبكي جوار قبر ابنها، تلك الأم التي لم تخف من إظهار وجهها على الشاشة، فاستشهاد ولدها جعلها أقوى قلبا إن واجهت قاتليه.
أخيرا، الحقيقة تصل مهما حاولوا إخفاءها.. وكثيرة هي التقارير الإعلامية التي سنشاهدها وسنقرأها خلال الفترة المقبلة؟