السؤال الوحيد الذي يجب توجيهه لمن يسمون أنفسهم (بالمحتسبين) مع كل تظاهرة ثقافية وطنية: أعطونا بعد المرة العشرين من تدخلاتكم في كل ما تتوهمون من منكر، حادثة واحدة، أو قصة واحدة، هتكت ستر المعروف ثم قادت إلى منكر، ومع وقوفي عند كلمتي التالية، فإن المنكر الوحيد الذي تكشفه أفعالكم ليس إلا: أنكم تحقنون هذا المجتمع بأكمله بكل ما هو سالب عن الصورة التي ترسمونها لهذا المجتمع عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس إلا أن هذا الجهاز الموقر هو ضحيتكم المباشرة والتلقائية وهو بريء منكم ومن أفعالكم المتكررة. المنكر الوحيد الذي تفعلونه أنكم بمثل هذه التصرفات إنما تجيشون مجتمعاً بأكمله على هذا الجهاز الموقر لأن الآلاف الذين يرتادون هذه المهرجانات الثقافية قد لا يستطيعون التفريق بين أعضاء الهيئة الذين يقومون بعملهم على أحسن وجه وبين هذه الغوغائية التي لا علاقة لها بجهاز الهيئة، بل إن أعضاء هذا الجهاز ما برحوا كل يوم، وفي شتى منابر الإعلام، يتبرّؤون منكم ومما تفعلونه بالآلاف من مجتمعنا مع كل مهرجان وتجمع تراثي. المنكر الوحيد أنكم تسيئون إلى صورة هذا الجهاز وتفقدون هذا المجتمع كل الثقة التي وضعت له وفيه.
واليوم، وبعد المرة العشرين من اقتحامكم لكل معرض كتاب أو تراث أو حوار، أعطونا حالة واحدة شاردة عن قصة منكر؟ أعطونا – امرأة – واحدة من بين آلاف العوائل الشريفة التي ذهبت لهذه المعارض والمهرجانات ثم ضبطت في حالة شبهة؟ أعطونا لقطة واحدة، من بعد عشرين حالة إنكار من أوهامكم لحالة واحدة من الرذيلة؟ نبشوا عن كل قصص الشريفات من بنات الرياض ونسائها وعوائلها من أولئك اللواتي ذهبن مع أهلهن إلى هذه المهرجانات ثم برهنوا لنا عن حالة منكر واحدة؟ ما هو المنكر الذي ترونه في مجتمع مسلم شريف غيور يذهب ليشاهد تراثه أو يشتري كتبه وما هي الرذيلة التي شاهدتموها ولم يشاهدها عشرات الآلاف من هذا المجتمع الذي يذهب إلى معرض كتاب أو مهرجان تراث؟ الشيء الوحيد الذي ترونه ليس إلا أنكم ترون هذا المجتمع على أنه فاسق مدمن لا تقرعه عن الرذيلة إلا عصيكم وحناجركم. هذا المجتمع الغيور الشريف هو مدينة المئة ألف مئذنة في سماء الرياض، وأنا أتحدى كل فرد منكم أن يأتي إلينا بقصة واحدة. كل إناء بما فيه ينضح.