تظاهرة المهرجان الوطني للتراث والثقافة أكدت، وتؤكد سنوياً بكل وضوح، على أنها تظاهرة عالمية منفتحة وناجحة.. تجدد التأكيد على عظم تراثنا، وعمق ثقافتنا. التطور السنوي للمهرجان الوطني ملحوظ، وهو يعكس التناغم الجميل في حصننا الكبير (الحرس الوطني) الذي أحسن ويحسن صناعته رئيسه، صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز؛ وزير الدولة عضو مجلس الوزراء.
الجنادرية والمهرجان ـ كرنفالنا السنوي ـ فتحنا به النوافذ، ومددنا به الجسور، وطرحنا فيه الكثير من الأمور، وحققنا به المكاسب، وأتوقع أن المكاسب كانت ستكون أكبر فيما لو أتممنا بعض النواقص، خاصة أننا "قادرونَ على التمامِ"..
هناك عدم تفاعل واضح من المثقف السعودي مع المهرجان، بدليل عدم رد البعض على دعوات الحضور أو المشاركة، وبدليل الاعتذارات القبْلية والاعتذارات المفاجئة.. التقدير المعنوي من القائمين على المهرجان للمشاركين والحاضرين موجود، إلا أن التقدير (المادي) للمشاركين، لا الحاضرين مطلوب، فمن تكلفه بمبحث أعطاك من وقته الثمين، وهو يستحق ويسأل عن التقدير المادي، وإن لم يفصح عن ذلك.. اللجان العاملة في المهرجان تحتاج إلى زيادة تواجد عدد المثقفين والمهنيين فيها.. الأجهزة الإعلامية يرجى منها أن تواكب الضيوف بكل ما يدار هنا أو هناك.. الضيوف أثناء إقامتهم الطيبة يتمنون بصفة خاصة لو أن المسؤولين كانوا أقرب منهم، أكثر من مجرد اللقاءات الرسمية المعروفة، فتلاقح الأفكار معهم وحضورهم يعني شيئاً كثيراً.
ذكري للأماني السالفة، وذكر غيري لغير ذلك من الآمال لا أشك أبداً في أن اللجنة التشاورية المعنية بتقييم ثم تقويم ما تم؛ ستضع ذلك في الحسبان، وستؤمِّن ما يكفل إتمام الصالح منها للعمل به. ولأن ذكري للأماني يحتم علي أن تكون عيني "عين الرضا"؛ فأنوه بما أسعدني، ولأن ما أسعدني كثير، أقتصر على سعادتي البالغة بحضور افتتاح النشاط الثقافي للدورة السابعة والعشرين، وسعادتي الأكثر بمداعبة راعي الحفل ـ الأمير متعب ـ للحضور: "أخاف أن أطيل عليكم بالحديث، فتقولوا إن له من اسمه نصيبا.. فإن أردت أن أتعبكم.. أتعبكم بفرحتي بكم، وأتعبكم بمحبتي لكم". وسعدت للغاية بتنامي رغبات الأسر ومحارمهم للدخول معاً إلى المهرجان، والتسوق والاطلاع على معالمنا الحضارية والتراثية. وسعدت جداً بتكريم خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ورعاه ـ لشخصية العام الثقافية؛ الإنسان الشاعر العم إبراهيم خفاجي ـ أدام الله عليه الصحة ـ الذي جاء التكريم الرسمي الثالث له مثبتاً أن المكرر يحلو، ولا يمل، خاصة مع قامة كقامة العم إبراهيم.. أثناء الغداء الرسمي، على المائدة العامرة لخادم الحرمين الشريفين، سنحت لي فرصة كريمة للسلام على العم إبراهيم، وبدأني بالمناداة باسمي، وذكرني بثلاثة من أفراد عائلتي زاملهم أثناء حياته العملية؛ عمي علي في المالية، وعمي عمر في اللاسلكي، وابن عمتي وصهري العميد عبدالله في نادي الوحدة. لقد أشعرتني رؤية العم إبراهيم بحلاوة كلمات النشيد الوطني أكثر، ولا غرابة فأنا أقف أمام من صاغه بقلبه وعقله، وجعلني وملايين غيري نردد كلاماً له معنى، في حياة تختفي المعاني عنها إلا قليلاً.
من دُرر الرائد إبراهيم خفاجي:
"كوكبُ الأرضِ عزيزٌ في المدارْ
وبلادُ النورِ درةُ كوكبِ
بُعثَ المختارُ فيها واستدارْ
زمنُ الأرضِ بتاريخِ النبي.." صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله، وصحبه، وتابعيهم، ومحبيه، وتابعيه إلى يوم الدين.