ليس ككل المعارض التقليدية الجامدة، وليس مجرد ديكور زخرفي، بل تخطى حدود التقليدية إلى "ما وراء حنجرة المغني" - كما عبرت عنه لوحة الفنان التشكيلي راضي الطويل وكانت غلاف الديوان الأخير للشاعر جاسم الصحيح الذي حمل الاسم نفسه - في معرض "الفنون التشكيلية الدائم الذي ينظمه فرع جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، ولا يزال قائماً.
"الوطن" رصدت خلال جولتها في المعرض 120 لوحة استحوذت الفنانات الأحسائيات على 80 لوحة منها؛ ليتغلبن على الفنانين الذين كان نصيبهم 40 لوحة، فكان لهن مثل ضعف حظ الرجال.
المتجول بين ردهات المعرض يجد نفسه في عالم مليء بالألوان الشرقية والغربية والرومانسية، والفوفية (وهي مذهب في الرسم ازدهر في فرنسا من 1898 إلى 1908 يتميز بالتحرر من قيود التقليد وباستخدام الألوان الصارخة)، كل ذلك احتضنته مدارس الرسم التشكيلي المتنوعة ابتداء من السريالية والتجريدية، مرورا بالتكعيبية وانتهاء بالابتكار والتجديد، فغالبية اللوحات ابتعدت عن التكرار والملل إلى حيث التجديد والعالمية، بيد أن الألوان الشرقية كانت حاضرة بقوة في لوحات الفنانات الأحسائيات.
مدير الجمعية سامي الجمعان أكد لـ"الوطن" أن الفن التشكيلي أصبح ضرورة في الحياة؛ لأنه جزء من وسائل التعبير المؤثرة جدا، ومن هنا جاء المعرض ليتيح الفرصة لأسماء جديدة - خصوصا من الفنانات - وهذه المشاركة عرفت الزائرين بقدرة الأحسائيات على التنوع من حيث المدارس التعبيرية، واستخدام الألوان الصريحة والضمنية والمتنافرة والمتناغمة، وبرر الجمعان كثرة المشاركات النسائية بقدرة الفن على إتاحة الفرصة للمرأة للتعبير أكثر بصورة سلسة، دون القنوات الأخرى - كالمسرح مثلاً لوجود المحاذير - ومن هنا فإن الريشة والقلم واللون خير من يعبر عن المرأة، وهذا تفسير ثقافي - إن صح التعبير - وشاهدنا كيف تقدمت المرأة على الرجل في هذا المعرض بفنها الجميل، وعلى الفنانين الرجال أن يحذروا من فن النساء، معتبراً أن لوحاتهن عبرت عما يجيش في داخلهن من خلال تنوع الموضوعات في اللوحات الراقية.
مقرر لجنة الفنون التشكلية في الجمعية راضي الطويل ذكر أن معرض هذا العام حظي بمشاركة كبيرة من جانب الفنانات التشكيليات القادمات بقوة إلى الساحة، وبما أنه يشكل الانطلاقة الأولى لمجموعة ليست قليلة من بين بقية المشاركات فقد كن ولم يزلن بحاجة كبيرة للدعم والتشجيع من قبل الجمعية وهنا يأتي دور لجنة الفنون التشكيلية وواجبها تجاه هذه الشريحة وغيرها من الموهوبين فنيا، وتعزيز ارتباطهم بالجمعية، للإسهام في تنمية استعداداتهم، وقدراتهم الفنية، من خلال تنظيم الدورات، والمحاضرات، والورش، والمعارض الفنية. وعن تقييمه للتجربة الفنية لهذه الشريحة - تحديداً - أكد الطويل أن غالبيتهن من خريجات المدارس الثانوية الموهوبات اللاتي لم تتح لهن الفرصة لاستكمال دراستهن، وقد حضرن بعض الدورات، والورش الفنية التي ركزت فيما يبدو على الجانب التقني، الأمر الذي مكنّهن من تشكيل لوحاتهن، بصورة فنية جميلة ومدهشة، ويأمل منهن الالتفات إلى الاهتمام بالقيمة الابتكارية التي لا غنى في أي عمل فني إبداعي، حيث تمثل القيمتان الجمالية والابتكارية الشرط الأساس لاستمرار الفنان، ولنجاح تجربته الفنية وتطورها.