اشتعل سوق الدروس الخصوصية التي تمثل أقصر الطرق للوصول إلى جيوب الآباء، لا سيما مع اقتراب اختبارات الفصل الدراسي الثاني، حيث تعتبر هذه الفترة موسما للمعلمين الذين يعرضون خدماتهم على أولياء الأمور عن طريق وساطة الطالب الذي لم يحصل من معلمه شيئاً طيلة فصل دراسي كامل، كما أن بعضهم يضع ملصقات دعائية مذيلة بأرقام جوالاتهم وعناوينهم في الأماكن العامة وعلى أبواب المحلات التجارية للظفر بأكبر عدد من الطلاب الباحثين عن مدرس خصوصي الذي يؤكد لهم أن 20 يوماً كافية أن يسترد الطالب خلالها عافيته ويجتاز اختبار المادة بتفوق.

"الوطن" التقت عددا من طلاب مدارس المنارات الأهلية بالمدينة المنورة الذين تولى أغلبهم اختيار معلمه الذي لم يفلح طيلة الفصل الدراسي في إيصال المعلومة لهم وقالوا إن المعلمين اشترطوا مبلغ 4 آلاف ريال لكامل منهج الفصل الدراسي الثاني مقابل ساعة ونصف يحضر فيها المعلم للمنزل، وعن سبب توجههم للدروس الخصوصية واختيار نفس المعلم الذي لم يفلح في إيصال المعلومة لهم طيلة الفصل الدراسي، ولماذا يتحملون تكاليفها الباهظة؟ أكدوا أنهم غير مقتنعين بكفاءة معلميهم والمهم عندهم هو الحصول على أعلى الدرجات، عبر تقليص المناهج الدراسية وتحديد أهم الأسئلة بإجابات مختصرة، لا سيما أن سنوات الدراسة الثانوية تعتمد على المعدل التراكمي وعلمهم أن معلم المادة هو من يضع أسئلة الامتحانات.

من جهته تحدث لـ "الوطن" أحد المعلمين السعوديين بذات المدرسة الذي يذكر أنه عايش هذه المشكلة عن قرب وعبر عنها "المال لمعالجة الإهمال" وأطلق عبارة أخرى بقوله "المال مقابل الدرجات" ويقول إنه عن قرب عايش أبشع الابتزاز المالي، وما يزيد المشكلة تعقيدا أن إدارة التربية والتعليم تعلم عن تجاوزات بعض المعلمين وجشعهم في استغلال الطلاب وابتزازهم.

مشيراً إلى أن إدارة التعليم حاولت في إحدى السنوات الماضية أن تقنن وتضبط هذه المسألة حسب لوائح وأنظمة وزارة التربية والتعليم، وأن تترك فرصة اختيار الطلاب لمعلميهم بالتنسيق من المدرسة غير أن قليلا من المدارس الخاصة تقيدت بذلك.

واستنادا لما ذكره المشرف بإدارة التربية والتعليم بالمدينة محمد الحربي فإن الدروس الخصوصية سلوك اجتماعي، وقصور مدرسي، حيث ركزت على محور التعليم بمفهومه الضيق، وأهملت محوري الإبداع والمهارات، بآلية وميكانيكية بعيدة عن الفهم أو تدريب الطالب على التفكير، وبذلك فإن الدروس الخصوصية تصبح أشبه بمن كان هدفه أن يملأ شريط تسجيل بمادة صماء غير مفهومة، بحيث يصبح الطالب في الدرس الخصوصي عبارة عن شريط كاسيت.