سؤال "عريض جدا" أضعه على طاولة معالي رئيس هيئة مكافحة الفساد: أمن المعقول أن يكون لدينا ما يقارب 3000 من الحاصلين على شهادات عليا (ماجستير ودكتوراه) وبعضهم ممن عادوا من برنامج الابتعاث ومن جامعات عالمية؛ فيما بالمقابل يعمل في الجامعات السعودية بمختلف المناطق ما يزيد عن هذا العدد بكثير!؟ لماذا؟ ومن السبب في فداحة هذا الرقم! ولهذا أتمنى بكل جدية من الهيئة التحقيق في هذا الملف الذي قد يكون إهماله بمنتهى الخطورة الاجتماعية! فليس أسوأ من شعور الشباب المرتفع التعليم بالإحباط والقهر!

أعلم جيدا من خلال تجربتي السابقة في العمل الأكاديمي؛ أن وزارة التعليم العالي ليست لها علاقة بتوظيف الأكاديميين بالجامعات؛ بل الجامعات نفسها هي التي تقوم بهذا الدور؛ وصحيح أن هناك درجات علمية كأستاذ وأستاذ مشارك يشغلها الأكاديميون الوافدون نحن بحاجتها؛ لأن حاملي هذه الشهادات من أبنائنا لا يمكنهم تغطيتها؛ ولكن هؤلاء قلة قليلة أمام الآخرين ممن لا يتجاوز عمله كأستاذ مساعد ومحاضر من الجنسين، ويمكن بكل بساطة إحلال الحاصلين على الشهادات العليا من السعوديين محلهم؛ خاصة ونحن نعلم أن الأكاديمي الوافد يكلف الدولة أضعاف ما يكلفه السعودي؛ من حيث قيمة تذاكر السفر السنوية وبدل السكن وراتبه! لكن الخلل الإداري الجامعي لا يتوقف عند تجاهل الكوادر الوطنية من حاملي الشهادات العليا لمصالح ومحسوبيات لا يعلمها إلا الله؛ بل ما هو أسوأ من ذلك هو فساد تحول الوظائف الأكاديمية إلى تركة عائلية أكاديمية يُمارس فيها التوريث! وأتمنى أن تُحقق هيئة مكافحة الفساد في ذلك لكثرة ما نسمع عنه؛ فإما أن تؤكده وإما أن تدفع التهمة؛ فدائما ما أتساءل "كيف!؟" حين أسمع عن توظيف بعض أبناء أكاديميين ومسؤولين في جامعاتنا كمعيدين أو كإداريين بالوظائف التي تطرحها الجامعات للمفاضلة؛ ولم يعد يُمكن تجاهل تدخل الواسطات والقبلية والتوجه الفكري في تحديد من يحصل على الوظيفة لا من هو أكفأ! لقد بات الأمر مكشوفا؛ وكأن وظائف بعض الأكاديميين الوافدين تبقى حتى يتخرج المحروس أو المحروسة من أبناء العاملين في تلك الجامعات؛ ليتم بعد ذلك إنهاء عقد الوافد وتعلن وظيفة للمفاضلة؛ هي في الأساس محجوزة! اليوم أضع ملف بطالة حاملي الشهادات العليا على طاولة هيئة مكافحة الفساد! وعليها التحقيق مع جامعاتنا إن كان هناك فساد إداري أم لا!؟ وما عليها إلا أن تلقي بنظرة تدقيق على أسماء قوائم الموظفين والأكاديميين لتخبرنا بالحقيقة حول تعيين الأكاديميين الوافدين والوافدات ومدى تدخل "العائلية" في الحصول على الوظائف! ولكن أتمنى ألا تعتبر "العائلية" هنا من قبيل (الواسطة الحميدة) لأن الواسطة الحميدة تؤدي إلى الواسطة غير الحميدة! وأكرر أن الأمر في غاية الخطورة خاصة ونحن ننتظر مزيدا من المبتعثين العائدين بشهادات من جامعات معروفة.