يا الله رحمتك.. يا الله لطفك وسترك! كانت لحظة مفجعة أبكت قلبي وعيني؛ ولم أستطع خلالها أن أكمل النظرة إلى صورة المولود البريء بدمائه والمنشورة في إحدى الصحف الإلكترونية؛ حتى التقطتُ أنفاسي وتماسكت قليلا؛ لأقرأ العنوان المفزع عن مقطع بشع لم أشاهده ولن أشاهده مصورا لمولود بمشيمته تنهشه الفئران عند حاوية قمامة بحي الكندرة في جدة!

هذه الجريمة اللا إنسانية واللا أخلاقية لا يمكن أن تُغتفر لمن شارك فيها من ضمائر مقززة عديدة تعيش بيننا مع الأسف الشديد؛ فضمير الأم "مقزز"، لأنها حملت سفاحا ولم تحسب لحظة الخطيئة لتحصد نتائجها المفزعة روحا بريئة ذنبها أنه نتاج لحظة شيطانية؛ وحتى الأب الذي حملت منه سفاحا هو الآخر "مُقزز" الضمير؛ لأنه استغل امرأة لشهوة أفرغها ثم رماها كما يرمي الذئب العظم بعد نهش فريسته؛ ولا يقل عنهما "تقززا" تلك الأيدي "الخبيثة" التي تجردت من الإنسانية وحملته بمشيمته دون غسله منها كي تقدمه وجبة مغرية وسريعة لفئران جائعة بحاوية القمامة لعلها تنهي علامات الجريمة اللاأخلاقية التي نتج عنها!! بشاعة لم أقرأ يوما ولم أسمع بمثلها! ولكن وبصدق شديد؛ لا يقل عن ضمائر كل هؤلاء بشاعة و"تقززا" الشخص الذي صور هذا المقطع حين رآه يئن والفئران تنهشه دون أن يفكر بسرعة إنقاذه وحمله بعيدا؛ ولا أعلم كيف وجد وقتا ليتفرج عليه ثم فكر في إخراج الكاميرا وشغلها ليراقب المنظر! كيف استطاع أن يرى براءة إنسانية يتم تناولها كوجبة من قبل الفئران وهو يصور! هل حتى يفوز بمشهد يُسارع به إلى "اليوتيوب" ويفوز بسبق؟! أم كان ضميره لحظتها يفكر بهدف نبيل، فبهذا المشهد البشع الذي سيصوره سيردع الناس عن ارتكاب الزنا ويسلط الضوء على هذه الظاهرة؟!

أي ضمير يحمله المصور حين صور وإن كان في حالة ذهول وكل ثانية تروح من الضحية البريئة تُعجل بموته وتزيد وجعه؟! كم من الوقت ضاع على إنقاذها بين لحظة الاكتشاف إلى لحظة الانتهاء من التصوير؟! هل وصلنا لأن تكون الغاية تُبرر الوسيلة ولو على حساب الضحية؟! وبصدق؛ لم أشاهد المقطع ولا أعلم ما فيه؛ واكتفيت بقراءة الخبر عن محتواه كي أتمكن من كتابة هذا المقال؛ فأنا لا أستطيع المشاركة في هذه الجريمة ولو بمشاهدتها!

وأطالب المسؤولين عن الموقع بإزالة المقطع البشع فورا! كي لا نشجع مثل هذا السبق على حساب ضحايا آخرين في مواقف مماثلة!

لكني أتساءل، وقد بتنا نقرأ عن جرائم بشعة؛ فأب يقطع رأس طفله وأم تقتل طفلتها طعنا وشقيقات يقطعن رأس أخيهن، وغيرها! ما الذي يحصل عندنا؟! لماذا أصبحت القلوب قاسية وتفكيرها دمويا؟! وألسنتنا باتت تعالج قضايانا بهذا الكم الهائل من الصراخ والشتائم والتنابز بالألقاب والعنف؟! ومن السبب في هذا الاحتقان والغضب والعنف؟! أخبروني..