على الرغم من السنين العجاف التي عاشها على مستوى البطولات الآسيوية بين عامي 2001 و2011، فإن الهلال لايزال يمسك قصب السبق رقمياً في عدد البطولات القارية التي حققها مقارنة بنظرائه السعوديين، حيث توج بطلاً قارياً 6 مرات، بدأها ببطولة دوري أبطال آسيا 1991 وكررها عام 2000, وتوج بطلاً للسوبر 1997 و2000, كما توج بلقبي بطل الكؤوس الآسيوية 1996 و2001.

ومنذ ذلك العام والهلال يعجز عن تحقيق بطولة دوري أبطال آسيا والوصول للعالمية على الرغم من أنه حصد جميع البطولات المحلية والخارجية, ورفع رصيده إلى 52 بطولة محلياً وخارجياً.

واختلف الهلاليون في تشخيص مبررات هذه السنوات العجاف التي عصفت بفريقهم، وتحدثوا لـ"الوطن" عن تلك المبررات وفق رؤى تباينت.


ضغط نفسي

يعيد حارس الهلال الأسبق صالح السلومي الذي سبق أن شارك الهلال في بطولات آسيوية أسباب هذا الغياب لفريقه عن اللقب القاري إلى عوامل الضغط النفسي على اللاعبين، ويقول "الهلال ليس الوحيد الذي يعاني الضغوط، وليس الوحيد الذي يضخ الميزانيات المالية الكبيرة لتحقيق هذا الهدف، فهناك أندية عالمية تشابه الهلال في الموقف والظروف والسعي لنيل البطولة القارية، فريال مدريد يؤدي منذ عام 2002 نفس الدور الذي يؤديه الهلال، فقد استقدم أفضل مدربي العالم بقيادة البرتغالي مورينهو، وأبرم الصفقات الكروية الكبيرة للوصول لذلك التمثيل، ومع ذلك لم يحقق مناه كونه يعاني الضغوط جراء الحصول على اللقب القاري، والهلال أعطى البطولة الآسيوية أكبر من حجمها لذلك ذهبت بعيدة عنه طوال تلك السنوات, والدليل خسارته الأولى في بداية دوري أبطال آسيا 2011 على أرضه أمام سباهان الإيراني".

وأعاد السلومي خروج الهلال من البطولة الحالية أمام الاتحاد في دور الـ16 بثلاثية إلى عامل الإرهاق الكبير الذي أصاب اللاعبين والذي يتحمله بالدرجة الأولى مدرب الفريق، الأرجنتني جابراييل كالديرون الذي أرهق اللاعبين بتدريبات شاقة ومكثفة بعد أن منهحم جرعات تدريبية مكثفة في ظرف 16 ساعة سبقت المواجهة بواقع ساعتين لكل حصة تدريبية، الأولى كانت مساء الأحد والثانية صباح اليوم التالي الذي صادف سفر الفريق إلى جدة لمواجهة الاتحاد الذي كان هو الآخر يعاني من إرهاق, إلا أنه استطاع أن يقضي على الهلال في ربع الساعة الأول من المباراة, واستطاع قائده محمد نور أن يصنع الهدف الأول وكأنه يمرر الكرة من حديقة منزله، وهذا لا يقلل من شأن اللاعب, ولوكان الثنيان في سنه الحالي لفعل مثلما يفعل محمد نور".

وأشار السلومي إلى أن الهلال يعاني كثيراً من الضغوط الجماهيرية والإعلامية نتيجة نتائجه، ويضيف "لو أن كالديرون أراح اللاعبين عن التدريبات قبل مواجهة الاتحاد لكانت النتيجة لصالحه، حيث وقع اللاعبون في أخطاء كثيرة بسبب الإرهاق الذي واجهوه".

وعاد السلومي بالذكريات إلى سنوات ماضية حيث الظروف متماثلة تقريباً، وقال "عام 1984 كسبنا الأهلي في نهائي الكأس في الرياض بأربعة أهداف نظيفة في عهد المدرب اليوغسلافي بروشتش, وكسبنا بتلك النتيجة لأن المدرب منحنا راحة يوم كامل بعد معسكر الخرج، وبعد أن نال اللاعبون راحة كافية كانوا مشتاقين للميدان كثيراً".

وبين السلومي الفروقات بين هلال 2010 وهلال 2011، وقال "كان المدرب السابق البلجيكي إيريك جريتس يمنح اللاعبين جرعات تدريبية قصيرة، وكانت نتائج الفريق تنتهي بأرقام كبيرة بعد أن تخلص من التدريبات الثقيلة التي أعقبت خسارته الوحيدة الموسم الماضي أمام النصر بعد أن وعى الدرس جيداً, بينما المدرب الحالي يثقل كاهل اللاعبين بتدريبات ثقيلة ومرهقة وتكون نتائجه الفوز بفارق هدف أو هدفين مع فرق تقل كثيراً عنه من الناحية الفنية".

ولام السلومي القريبين من الفريق والمدركين جيداً لأبعاد كرة القدم (فنيا) لأنهم وقفوا موقف المتفرج من منهجية كالديرون قبل مواجهة الاتحاد، وقال "أعرف أن هناك أناسا لا يعجبهم كلامي، لكن هذه هي الحقيقة".

وأضاف "إذا لم يتداركوا أخطاء الآسيوية، فإن الفريق قد يلقى نفس المصير عندما يصل نصف النهائي ويواجه الاتحاد في دوري الأبطال على كأس خادم الحرمين الشريفين".


أسباب نفسية

ويشير لاعب الفريق الأسبق سعد مبارك إلى أن غياب الهلال عن النهائيات الآسيوية وخروجه من بطولاتها يعود لأسباب نفسية في المقام الأول، مؤكداً أن الفريق بدأ في السنوات الـ5 الأخيرة يعاني ضغوطاً جماهيرية وإعلامية نتيجة مطالبته بتحقيق اللقب، ودلل على ذلك بالنتائج والعطاءات الكروية التي يقدمها الهلال على مستوى المنافسات المحلية التي لم يتوقف عن حصد بطولاتها.

وبين مبارك أن الهلال ينتهي في محطة مبكرة في البطولة الآسيوية بعدما يتجاوز الأدوار التمهيدية كما حدث أمام العين الإماراتي وذوب هان الإيراني والاتحاد، ويقول "هنا يحمل اللاعبون فوق طاقتهم لنيل اللقب القاري، كما أن مباراتهم أمام الاتحاد في دور الـ16 شهدت هبوطاً حاداً في مستويات بعضهم مثل ياسر القحطاني وخالد عزيز وميريل رادوي وأسامة هوساوي، وتراجع أداء لاعبي الخبرة أدى إلى إقصاء الفريق عن الوصول للنهائي".





ضعف المنافسات

أما لاعب الهلال السابق منصور الموينع فكان له رأي مختلف عن زملائه المعتزلين، إذ أكد أن ضعف المنافسات المحلية وفي مقدمتها الدوري السعودي أدى دوراً كبـيراً في تغيب الهلال عن الألقـاب الآسيوية, بعد أن شهد شرق القـارة ارتفاعاً كبيراً في مستويات فرقـه التي كان الهلال يلتهمها في غالب مواجهاته معها, ويقول "عندما يستعيد الدوري السعودي قوته سيعود الهلال للألقاب الآسيوية".

وأضاف "لم يكن الهلال في وضعه الطبيعي عندما واجه الاتحاد، فقد كان مرهقاً عقب تتويجه بالدوري والكأس, وعالم الكرة يؤكد أن الفريق الذي يحقق بطولة يشهد انخفاضاً في المستوى في البطولة التي تعقبها مباشرة".


تراجع مستوى

ويرجع مساعد مدرب الفريق الأولمبي في الهلال عبداللطيف الحسيني خروج الهلال مبكراً هذا الموسم إلى تدني مستوى الأندية السعودية وتراجعها في البطولة الأقوى محلياً وهي الدوري، مشيراً إلى أن الدوري القوي يخرج فرقاً في قمة مستواها للمنافسة قارياً، وقال "منذ مطلع الموسم خسر الهلال أربع مباريات آسيوية متتالية، كانت الأولى في ربع نهائي النسخة الماضية أمام الغرافة القطري 2 /4 ورغم ذلك تأهل بفارق الأهداف, ومن ثم خسر ذهاباً وإياباً أمام ذوب هان الإيراني في نصف النهائي بذات النتيجة صفر/1، وكذلك خسارته في بداية مشواره هذا الموسم أمام سباهان الإيراني 1 /2 وأخيراً 1 /3، وهذا مؤشر واضح يدل على وجود مؤثرات نفسية على اللاعبين في هذه البطولة بعينها من خلال الضغط الجماهيري والإعلامي، والمطالبة بإحراز لقب البطولة".

وبين الحسيني الذي سبق أن أشرف فنياً على الفريق الأول في فترة سابقة أن السبب الرئيس في خروج الهلال هذا الموسم على يد منافسه الاتحاد يعود الى اضطرار الجهاز الفني لرفع إعداد اللاعبين بشكل قوي جداً مما أدى لإصابة عدد منهم بداية الموسم بسبب منافسات ربع النهائي, وهذه من المشاكل الرئيسة التي تعانيها جميع الفرق السعودية ومن ضمنها الهلال, وقال "بعد الخروج المر أمام ذوب هان الإيراني بات الضغط على اللاعبين كبيرا جداً لضرورة تعويض جماهيرهم ببطولة الدوري المحلي، وهذا ما حدث بالفعل لأن اللاعبين كانوا يلعبون كل مباراة في الدوري على أنها لقاء نهائي مما شكل إجهاداً كبيراً عليهم، إلى أن جاءت بطولة كأس ولي العهد وكان من الأجدى أن يشارك فيها الفريق بالبدلاء لإراحة الأساسيين للمباريات الأهم والأقوى في دوري أبطال آسيا، لكن هذا لم يحدث, بل لعبها الهلال بكل قوته وحققها بجدارة، لكن الأمرانعكس عليه في البطولة الآسيوية".

وأسدى الحسيني نصائح لإدارة الهلال، معتبراً أنها الطريق الأمثل لتحقيق دوري أبطال آسيا، وذلك بأن يكون الإعداد متناسباً مع حجم البطولة الآسيوية, وقال "برأيي يجب على الإدارة أن تحدد هدفها منذ بداية الموسم، وبالتالي تشارك بتشكيل ينافس في الدوري المحلي والبطولة الآسيوية، مع منح الفرصة للاعبين البدلاء لتمثيل الفريق في بطولتي كأس ولي العهد وكأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال لأنه من الصعوبة القصوى التركيز على كل البطولات والمنافسة على تحقيقها وبالتالي قد يفقد الفريق كل البطولات".

وشدد الحسيني على حاجة الهلال لعدد من العناصر المحلية والأجنبية ليتمكن من مواصلة مسيرته في البطولات والمنافسة الموسم المقبل بشكل أقوى على دوري الأبطال الآسيوي, وقال "الهلال بحاجه لظهير محلي بدلاً من الكوري الجنوبي لي يونج بيو الذي قدم مستويات مقنعة، ولكن الأفضل أن يستثمر اللاعب الأجنبي في خانة غير الظهير الأيمن, وكذا مهاجم هداف يصنع الفارق ويستغل أنصاف الفرص أمام المرمى, وصانع لعب على مستوى عال، وكذا متوسط دفاع مميز, لتخفيف ضغط المشاركات على الثنائي ماجد المرشدي وأسامة هوساوي اللذين يشاركان دوماً مع الفريق في جميع بطولاته دون توقف".


تضخيم

من جانبه فند لاعب الهلال السابق فيصل أبو ثنين الذي قاد الهلال لتحقيق بطولة السوبرالآسيوي عام 2000 أسباب استعصاء بطولة دوري أبطال آسيا على الهلال أخيراً بأن الهلاليين منحوها حجماً أكبر من حجمها الطبيعي، مشيراً إلى أنها بطولة مثل باقي البطولات الأخرى, وقال "من الأفضل ألا يلتفت الهلال لتقليل المنافسين من الإنجازات التي يحققها محلياً ونعوتهم له بالفشل آسيوياً لأن كل الفرق المحلية عجزت عن تحقيق ما حققه الهلال في السنوات الأخيرة".

وانتقد أبو ثنين نظام البطولة الآسيوية وتقسيم أدوارها، وقال "نظام البطولة هو الأغرب، فهي مقسمة على موسمين، ويلعب الدور التمهيدي ذهاباً وإياباً ومن ثم مباراة دور الـ16 بنظام خروج المغلوب من مباراة واحدة، خلاف ما يحدث في البطولات القارية العالمية الأخرى، وهذا النظام أضعف التنافس فيها، ولم نشاهد الفرق اليابانية تصل للأدوار المتقدمة، والسبب الرئيس هو الاتحاد الآسيوي للعبة الذي وضع نظاما أقل ما يقال عنه إنه غريب جداً لأن من يريد تحقيق البطولة عليه أن يعد نفسه خلال موسم في نهايته وموسم آخر في بدايته، وأعتقد أننا نستطيع أن نسميها بطولة التقسيط وحتماً سيعدل نظام البطولة عاجلاً أو آجلاً لأننا لا نستطيع أن نسميها دوري أبطال آسيا بل بطولة المراحل الآسيوية, والهلال باستطاعته تحقيقها لو كانت بنظامها الطبيعي كما في باقي قارات العالم".

وأكد أبو اثنين أن الفاشلين محلياً وقارياً حاولوا أن يلصقوا فشلهم المستمر بالهلال, وقال "هذه الفرق لها سنوات طويلة لم تحقق الدوري ولا الكأس ويحاولون إبعاد أنظار جماهيرهم بفشلهم عبر التركيز على خروج الهلال من الآسيوية كل موسم ويحتفلون بذلك علناً".

وأضاف "الهلال بطل لآسيا، وأكثر الفرق فوزاً بالبطولة، وسبق أن تأهل لكأس العالم للأندية وألغيت البطولة قبل بدايتها بأشهر، ولم يكن يملك أدوات خارجية حتى يلعب هذه البطولة مثله مثل غيره".

وطالب أبو ثنين إدارة الهلال بألا تحمل البطولة أكثر مما تحتمل، مشيراً إلى أن الخروج من البطولة الحالية فرصة لمراجعة الحسابات وتحسين الوضع الفني على صعيد اللاعبين، مشيراً إلى أن الفريق لديه نواقص فنية يجب تداركها، وقال "منذ 3 مواسم والهلال يلعب بغياب تام لخط الهجوم والحل بالتعاقد مع مهاجم أجنبي هداف، فمنذ زمن لم يحضر الهلال مهاجماً أجنبياً مميزاً يصنع الفارق, وهناك مشاكل في خط الدفاع يجب تصحيحها أولاً".