ذكرت في مقال سابق عنوانه (الخط الساخط) مدى تأثير التقنية ودخولها متغيرًا أساسيًّا على مناحي الحياة العصرية، وأن تأثير الإنترنت الإعلامي على العالم العربي بشكل عام كان أكثر من تأثيره العلمي والعملي، وأن تأثيره على سلوك الأفراد كان أكثر من تأثيره على أداء المنظمات. وذكرت أن هذا التغير التقني صاحبه تغيرٌ في القيم والعادات والسلوك الاجتماعي. وحذرت من الذين يستغلون الإعلام الجديد لأهدافهم المشبوهة، وطالبت بحماية المجتمع منهم بتطبيق نظام الجرائم الإلكترونية بكل حزمٍ، على كل من يقترف مثل هذه الأقوال المشينة؛ لكيلا يساء استغلال مساحة الحرية التي وفرتها التقنية الحديثة، وحتى لا تترك (لوحة مفاتيحنا) التقنية بين أصابع سفيه أو مأزوم أو حاقد أو منحرف.

والملاحظ المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا (تويتر)، يلحظ أن أصحاب (الخط الساخط) و(الخط المتطاول) ترتفع أصواتهم ويكثر معجبوهم ومتابعوهم يومًا بعد يوم، وبدؤوا بالتكاثر وفتح (الحسابات الشخصية) لتصفية (الحسابات الشخصية وغير الشخصية). وقد كانت كارثة الكوارث وأم الطوام قيام شاب ينتمي لهذا البلد الطاهر بالتطاول على الذات الإلهية، وعلى مقام الرسول الكريم، في تجاوز خطير وسابقة أخطر. وإذا كانت التقنية وسيلة كشف لبصمة دين مستخدميها وأخلاقهم وفكرهم ووطنيتهم، فقد كشف "تويتر" الكثير من الوجوه القبيحة المنحرفة دينيًّا وفكريًّا وأخلاقيًّا ووطنيًّا. كما كشف أيضًا عن الوجوه القبيحة المندسة خلف الأسماء المستعارة لمحاولة التطاول على عقيدة راسخة، وعلى وطن شامخ.

وقديمًا تساءل أحد المفكرين بتعجب قائلا: لماذا يعزل المرضى بالأمراض المعدية ولا يعزل أولئك الذين ينشرون الأمراض الفكرية والأدبية والأخلاقية؟!! مؤكدًا أن أخطر المجرمين من يرتكب خطيئة ليس لها عقاب. وعزل مثل هؤلاء المرضى يأتي من خلال تطبيق الشرع والنظام، ثم بوقوف المجتمع بأكمله في وجه المرتدين والمتزمتين والمنحرفين، وعدم التساهل مع من يحاول إيجاد المبررات تحت أي ذريعة تبسيط، أو محاولة تسطيح؛ للدفاع عن مثل هؤلاء المرضى (المعدين المعتدين)، والتقليل من تأثير أقوالهم التي تتجاوز الخطيئة إلى الخطايا، وتنشر المرض (إلكترونيًّا) بتطاولهم على الدين وثوابته، أو بسخطهم على المجتمع ورموزه، فهذه الأمراض الاجتماعية الخطيرة أشد وباء وأعظم فتكًا، وأسرع انتشارا من أي مرض من الأمراض المعدية الأخرى.

تتويت:

(الخط المتطاول) و(الخط الساخط) خطان منحرفان عن (الخط الوسط)، بدايتهما افتراضية وآثارهما دينية واجتماعية، وإذا لم يتم ضبطهما شرعًا ونظامًا فسيكون خطرهما أشد الأخطار، وضررهما أشد الأضرار.