اقترح مساعد عمدة بلدية الدائرة الثامنة عشرة في باريس أتناس بريفون، عام 1999، حينما كان يعمل في الدائرة السابعة عشرة، فكرة "يوم الجيران"، وقد راودته الفكرة عندما اكتشف وفاة سيدة مسنة تحيا بمفردها بعد شهرين من الوفاة.

وقتها قرر بريفون أن لقاء لابد أن يجمع الجيران في كل مكان ولو مرة واحدة في العام، وفي نهايات العام نفسه نفذ فكرته في بعض بنايات الدائرة السابعة عشرة، حيث تم تخصيص يوم كعيد للجيران يجتمعون فيه بساحة البناية، أو في إحدى الشقق، أو بقاعة من قاعات البلدية، يتعارفون ويتقاربون، ويلهو صغارهم وشبابهم بعضهم مع بعض.

في عام 2000 تم تعميم الفكرة في باريس كلها، يقول بريفون إن الجمعة الأخيرة من شهر مايو قد باتت "مهرجان الجيران"، وإن الفكرة فور تعميمها بدأت تنتقل بشكل هائل إلى أوروبا، حيث صار اليوم نفسه هو "اليوم الأوروبي للجيران" ثم انتقلت الفكرة إلى قارات أخرى من قارات العالم.

الآن يعد "مهرجان الجيران" أهم تجمع اجتماعي في فرنسا وأوروبا على الإطلاق، حيث شارك فيه خلال العام الماضي 34 دولة ، وما يقرب من 11 مليون شخص، من بينهم 6.5 ملايين شخص من فرنسا وحدها. وكل عام يزداد عدد البلدان المشاركة، ففي العام الماضي انضمت أفريقيا للمرة الأولى إلى هذا المهرجان، وكان يمثلها دولة التوجو التي نظمت يوما خاصا "للجيران"، وها هي القارة نفسها تشارك هذا العام ببلدين إضافيين هما بوركينا فاسو والكاميرون، كما تنضم مالطا أيضا هذا العام إلى المهرجان، بتخصيص يوم للجيران.

ويقول أتناس الذي يتمنى تعميم الفكرة على قارات العالم الخمس "في ظل الضغوط التي نعيشها والتي باتت تبعدنا عن أقرب الناس إلينا، لابد من يوم على الأقل نجتمع فيه في العام، وخلال الإعداد له يتم الاتفاق على مسكن في كل بناية يمكن أن يكون مكانا للقاء، وكل أسرة تأتي ومعها أكلة تتقن صنعها، والبعض يأتي بالمشروبات، هكذا تتشكل مائدة من أطعمة فرنسية وشرقية وآسيوية تجسد شكلا من أشكال التواصل، وتقضي هذه العائلات اليوم في تعارف ونقاشات وموسيقى".

وأشار إلى أن هذا اليوم يفرض على الكثيرين التواصل فيما بعد ولو على فترات، والآن بعد تعميم الفكرة، فإنها لم تعد تقتصر على البنايات، بل امتدت إلى دور المسنين، حيث يلتقي نزلاء الدور التي يجمعها حي واحد في إحدى الدور التي يتم اختيارها، ويحضر العديد من العائلات إلى دار المسنين لساعة أو ساعتين من أجل المشاركة في هذا اليوم".

وأكد أتناس أن نزلاء دور المسنين باتوا يعيشون لحظات سعادة في هذا اليوم، وهناك أكثر من 300 احتفال هذا العام أقيمت في دور المسنين. أيضا داخل الشركات والمؤسسات، حيث يتم الاتفاق في هذا اليوم على شركة يمكن الاحتفال داخلها واستقبال العاملين بالشركات الأخرى في نفس الحي أو الشارع.