في أقل من مسافة شهر واحد، وصلنا إلى حالة القتل الثالثة، وفي الحادثة الأخيرة منها، سعودي يقتل مواطنا سعوديا آخر، وكل حوادث القتل أو الاعتداء، وكل الإصابات الخطيرة ما بين هذه الحوادث، تنتج عن رغبة الآلاف من سكان القرى الجبلية أو الحدودية في الاطمئنان على أمنهم وسط هجرة وتسللات هائلة ومكشوفة للآلاف القادمين من بعض دول القرن الأفريقي.

هذه الظاهرة الخطرة تهدد آلاف القرى والأرياف في ثلاث مناطق حدودية على الأقل، لا في الأمن الاجتماعي فحسب، بل في كل الممنوعات والمحظورات التي يقتات هؤلاء المتسللون عليها حتى تحولت ضواحي هذه القرى ومهابط أوديتها إلى أوكار هائلة وأنا هنا أتحمل مسؤولية ما أكتب إن قلت إن الانتقال ما بين هذه القرى بعيد صلاة العشاء هذه الأيام ليس إلا مغامرة بالغة الخطورة على النفس وقد مر العشرات من أهاليها بهذه التجربة. هؤلاء يتحدثون عن قصص مأساوية وعن أفلام من الرعب الحقيقي. وإذا ما تركنا كرة الثلج تكبر على طريقتها الخاصة فإن الوضع قد يتحول إلى نقطة يصعب معها أن تعود الحياة إلى المربع الذي نريد ومرة أخرى فإن المواطن الذي يقترب من أوكار هذه العصابات ليس إلا واحدا من اثنين: إما زبون تلقائي لكل ما هو ممنوع من المخدرات والكحول وكافة أنواع الأسلحة المهربة، وإما مشتبه به ولا بد من التعامل معه بما يقتضي الحال، وقد كان ما كان ومن أراد أن يستمع لهذه القصص فإن سرادق العزاء وضحايا هذا التقاعس الخطير ما زالت منصوبة حتى اللحظة. أصبح الآلاف من سكان هذه القرى الجبلية والحدودية يتوزعون فيما بينهم خرائط الطرق الآمنة في الوصول لأماكنهم وخصوصا عندما يحل الظلام مثلما يتوزعون فيما بينهم أماكن هذه الأوكار ويحذرون بعضهم البعض من هذه المسالك التي تكبر مثل الورم السرطاني. والأخطر من هذا أن يضطر المواطن في بعض الحالات، وقد كان، أن يأخذ قانون أمانه بيديه، وفي مواجهة غير متكافئة لأفراد أمام عصابات. لمعلوم أمام عشرات المجهولين. وأخطر من هذا أن هذه القرى أصبحت مسرحا ليليا مظلما ولم يعد الأمر يتعلق بشعاب أو أودية ما بين قريتين. هؤلاء وصلوا إلى تحت النوافذ وعلى مسؤوليتي: من هو الذي يستطيع أن يفتح نافذته منتصف المساء ثم يهمس بكلمة، أنا مسؤول عن كل ما كتبت.