أوضح مستشار وزير العدل، المتحدث الرسمي للوزارة الشيخ الدكتور عبد الله السعدان، أن نشر الأحكام "وقائعَ وأسباباً ومنطوقاً" يعكس متانة الفقه الإسلامي، مشيرا إلى أن معرفة الأصول الفنية لكتابة الحكم القضائي تساعد على تطور القضاء، موضحا أن التسبيب من الأمور التي يشترط توافرها في الحكم القضائي. جاء ذلك على هامش ملتقى "تسبيب الأحكام القضائية" الذي يختتم أعماله في جدة اليوم.

من ناحيته، أكد نائب رئيس مجلس الدولة في مصر الدكتور ماهر أبو العينين، أن الأحكام التي أصدرها القضاء السعودي، حققت المواثيق الدولية وراعت حقوق الإنسان، باستنادها إلى الشريعة الإسلامية، داعيا القضاة في المملكة إلى توثيق ذلك. وأوضح إلى "الوطن" أمس، على هامش الملتقى، أن الشريعة الإسلامية سبقت كل ما جاء في المواثيق الدولية وحقوق الإنسان بألف عام.

وفي ذات السياق، أكد رئيس اللجنة الوطنية للمحامين الدكتور ماجد قاروب أن ضعف تسبيب الأحكام القضائية يؤدي إلى فساد الحكم، مضيفا أن فساد تسبيب الحكم القضائي أمر ينافي أهم مبادئ العدالة، التي تقتضي بأن يكون الحكم القضائي واضحا في أسبابه لقناعة القاضي أو المحكمة بالحكم الذي أصدرته.

وأشار إلى أن غياب التسبيب يضعف إمكانية الخصوم في معرفة الأوجه التي استند إليها الحكم أو قرار القاضي مما يعيق الاعتراض أو التظلم من الحكم القضائي وإرهاق قضاة الاستئناف عند مراجعتهم للأحكام القضائية، لأنها تكون في غياب عن معرفة الأسباب الحقيقية التي جعلت الدائرة تصدر مثل ذلك القرار محل الاعتراض.

وأضاف أنه يعيق كذلك الجهات القضائية التنفيذية والأجهزة الأمنية ذات العلاقة بتنفيذ الأحكام من معرفة مبتغى وحقيقة مقصد الحكم القضائي لغياب التسبيب، لافتا إلى صعوبة تنفيذ كثير من الأحكام لعدم وضوح مقاصد الحكم نظرا لغياب التسبيب المفصل بهذا الخصوص.

إلى ذلك، أوضح مدير الشؤون الجنائية والعفو في وزارة العدل المغربية، الدكتور محمد عبد النباوي أن التسبيب يعتبر فاسدا عندما لا يحدد قناعة القاضي أي لا يرفع إلى علم العموم قناعة القاضي الوجدانية، حيث إن القاضي يصدر حكمه وفق قناعته الوجدانية ببراءة الشخص أو بإدانته، ويحكم بتطبيق القواعد الإجرائية والقانونية، وعليه أن يسبب الحكم بأسباب منطقية لا تناقض فيها. وأوضح رئيس الدائرة الرابعة في المحكمة الإدارية الرابعة بعسير الدكتور عبد اللطيف القرني، أنه لا عبرة في التسبيب إذا توافرت في الحكم الأسباب الكافية لتبريره فإذا كانت الأسباب فيها زيادة من الحد الأدنى فلا يعاب الحكم بالخطأ في الأسباب الزائدة وهذا يعني أنه لا يعتد بالخطأ في التسبيب لذاته وإنما يعتد به إذا كان مؤثرا في منطوق الحكم.

فيما رأى الشيخ الدكتور عيسى الغيث القاضي في وزارة العدل أن كشف سبب الحكم يطمئن القلوب، مستشهدا بقول الله تعالى في محكم التنزيل عن إبراهيم حين سأل ربه: "كيف تحيي الموتى"، فسأله الله عن سبب ذلك بقوله "أولم تؤمن"، أي هل سبب سؤالك هو عدم إيمانك، وهذا دليل على أن الله تعالى يسأل عن السبب، والتسبيب هنا لمعرفة الدافع للسؤال، فجاء الجواب النبوي قائلاً "بلى، ولكن ليطمئن قلبي"، فالجواب اشتمل على جزءين، أحدهما المصادقة على الإيمان، والثاني بيان سبب السؤال، وهو لأجل أن يطمئن قلبه ويزداد إيمانه.

يذكر أن الملتقى الذي يختتم فعالياته اليوم، بحضور عدد كبير من القضاة والخبراء القانونيين تناول أمس عيوب تسبيب الأحكام الجنائية، ومفهوم القصور في التسبيب القضائي، ومفهوم فساد التسبيب القضائي.