دارت عجلة البناء في إنشاء كثير من المدن الاقتصادية التي ولدت عقب تولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم قبل ستة أعوام في عام 1426، لتغير خارطة الاستثمار في المملكة، بدعمها لتنويع الاقتصاد المتنامي للمملكة وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل الوطني، وتأسيسها لعهد جديد من الاستثمارات المحلية والعالمية.

أعطى خادم الحرمين الشريفين، شارة البدء في تنفيذ أربع مدن اقتصادية في رابغ وحائل والمدينة المنورة وجازان، وتسعى المملكة في خططها إلى تحويل هذه المدن إلى مدن ذكية تحقق أهدافها في الوصول إلى مصاف الدول العشر الأولى من حيث التنافسية.

ويقدر حجم الاستثمارات المستهدفة المتوقع ضخها في المدن الاقتصادية الأربع التي جرى الإعلان عنها بنحو 280 مليار ريال خلال السنوات العشر المقبلة، توفر أكثر من مليوني وظيفة خلال العقد المقبل.

وستحقق كل من مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ، ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل، ومدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة، ومدينة جازان الاقتصادية أربعة أهداف رئيسية للمملكة تتمثل في تحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة، والتنوع الاقتصادي، وتوفير الوظائف، وتحديث البنى التحتية ونقل المعرفة.

المدن الأربع

وأوضحت هيئة الاستثمار، أن تكلفة مشاريع المدن الاقتصادية في المملكة زادت على 60 مليار دولار، وهي إحدى الآليات العملية لتنفيذ أهداف الخطط والاستراتيجيات فيما يتعلق بتحسين الاستثمار في المملكة، حيث أطلقت مشاريع المدن الاقتصادية المتكاملة، وهي مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ، ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل، ومدينة المعرفة الاقتصادية في المدينة المنورة ومدينة جازان الاقتصادية في جازان.

وأشارت إلى أن من أبرز أهداف هذه المدن الارتقاء بتوازن الاقتصاد الإقليمي، وتحقيق التنوع الاقتصادي، واستحداث الوظائف، وزيادة التنافسية.

وقالت الهيئة إنها تملك الرؤية المستقبلية للمدن الاقتصادية وذلك بمساهمة زادت على 150 مليار دولار، حيث ينتج عن ذلك الاستثمار الهائل ما يزيد على مليون وظيفة، وبحلول عام 2020 يكون تعداد السكان في هذه المدن بين 4 و5 ملايين نسمة. ولكي تتوفر الخدمات الضرورية المتعددة لهذه المجتمعات العريضة؛ يتطلب الأمر استثمارات ضخمة من القطاع الخاص، والاستخدام الكامل لإمكاناتهم التجارية والصناعية سيتيح مجالاً أكبر لفرص الاستثمار.

وأضافت أنه تم إنشاء هذه المدن، وبشكل خاص، على مواقع "الحقل الأخضر"، وبمفهوم استراتيجي كانت مواقعها حول المملكة لكي تقوم بدور إقليمي بارز، هذه المدن ستعكس السمات المدنية الحديثة ويستخدم فيها أحدث خدمات الأنظمة الرقمية والبنية التحتية. لقد تم تطوير هذه المدن الاقتصادية انطلاقاً من أحدث التصاميم وأكثرها ذكاءً في العصر الحديث ويشمل ذلك البنية التحتية المتطورة، والاستمرارية الدائمة لكل تلك الأنظمة التي تشكل ترابطاً مثالياً في كل الأوقات داخل تلك المدن.

تنافس ملحوظ

واعتبرت الهيئة أن هذه البيئة الإيجابية والداعمة للأعمال بجانب الحوافز المغرية للاستثمار ستحدث تنافساً ملحوظا ومردوداً إيجابياً للمشاريع كافة بهذه المدن، إلى جانب البعد الصناعي داخل تلك المدن، هناك اعتبارات كثيرة وضعت لجعل الحياة داخل هذه المدن وفق أرقى المستويات؛ وتعد تلك الفكرة هي الأساس في تصميم هذه المدن، فالتعليم، والرعاية الصحية، والنواحي الترفيهية على أحدث المستويات العالمية، لذلك فإن الحياة داخل المدن الاقتصادية تتسم بطراز رفيع من العيش، والعمل فيها يتم بمواصفات عالمية.

وأوضحت أن المدن الاقتصادية توفر بيئة مثالية لهؤلاء الذين يعيشون ويعملون فيها، حيث النسبة المتدنية للتلوث البيئي والإسكان الحديث المصمم بأساليب عالمية عالية الجودة، والمرافق الرياضية المتطورة ومراكز الاستجمام، ومراكز العناية الصحية المتخصصة على أحدث طراز عالمي، ومدارس عالمية تقدم مناهج عالمية لأطفال العاملين من أرجاء العالم كافة. وهناك مراكز التسوق الضخمة "المولات"والمطاعم التي تقدم أجود أنواع الأطعمة المختلفة من بقاع العالم كافة. تقدم هذه المدن الاقتصادية مستويات قياسية عالمية للعيش والعمل في المملكة، وتوفر مكاناً مريحاً ومتطوراً لرجال الأعمال الجدد وعائلاتهم.

وأشارت الهيئة في دراسة دقيقة ظهرت حديثاً حول أفضل 60 منطقة اقتصادية حرة وأكثرها نجاحاً، فإن مفهوم المدن الاقتصادية تم تصميمه لتحسين النماذج القائمة حالياً. وبدوافع الابتكار قامت شراكة القطاع العام مع الخاص، حيث إن المدن الاقتصادية تمثل كياناً شاملاً شامخاً، يحتوي على عناصر متكاملة تنطلق من مفهوم "العمل والعيش والترفيه". هذه المدن ليست مناطق جامدة أو مساحات محددة، بل هي مدن حضارية حديثة تتسم بالحيوية والنشاط الإنساني وجمال التصميم؛ والذي يعكس قوة اقتصادات المملكة مما يزيد من إيجابيات التنافسية وسط الأعمال في تلك المدن.

وقال محافظ الهيئة العامة للاستثمار رئيس مجلس إدارة هيئة المدن الاقتصادية عمرو الدباغ في فبراير الماضي، إن حجم الاستثمارات المعتمدة بمدينة جازان الاقتصادية وصل إلى 50 مليار ريال، مقسمة على مشروع المصفاة والميناء ومشروع محطة توليد الطاقة بالإضافة لمشروع مصنع الحديد والصلب.

وتنطوي "مدينة جازان الاقتصادية"، على فرص استثمارية في القطاعات الصناعية الثقيلة، وكثيفة الاستخدام للطاقة والصناعات التحويلية المرتبطة بها، حيث تم تخصيص ثلثي المساحة للصناعات الثقيلة والأولية وللصناعات الثانوية، مدعمة بميناء عالمي متعدد الاستخدامات الذي سيمثل حلقة وصل وربط حيوي لواردات الخام وصادرات المدينة من المنتجات ذات القيمة المضافة والخام المعالج إلى جميع دول العالم لما تتمتع به المدينة من موقع استراتيجي مطل على أهم مسارات الملاحة الدولية المتجهة من وإلى أوروبا وأفريقيا وآسيا.

تحسين البيئة الاستثمارية

يذكر أن المملكة بذلت جهوداً كبيرة لتنويع القاعدة الاقتصادية، وتحسين البيئة الاستثمارية، بهدف تحقيق مزيد من التقدم والرقي الاقتصادي، وتمثل ذلك في الخطوات الجادة للإصلاح الاقتصادي، ويمثل برنامج 10 في 10 نموذجا تطبيقيا لنهج تطوير البيئة الاستثمارية في المملكة، حيث يترجم البرنامج رؤية الهيئة العامة للاستثمار في رفع تنافسية المملكة دوليا في جذب الاستثمار كعاصمة الطاقة وحلقة وصل رئيسة بين الشرق والغرب.