ينوء المتسوقون بحمل مواد غذائية وصناديق زجاجات مياه في السوق الرئيسية في بنغازي. وتلقى مبيعات بطاقات الهاتف المحمول التي تهدئ روع الأسر القلقة رواجاً، بينما تزدحم الشوارع القريبة من السوق بسيارات تتسابق على أماكن الوقوف. وإذا توغلت أكثر في سوق العرب وهو سوق الجملة في مدينة بنغازي التي تسيطر عليها المعارضة في الشرق تهدأ الحركة. يجلس أصحاب متاجر الملابس يتجاذبون أطراف الحديث ويحتسون الشاي. ونادراً ما يأتي زبائن. وقال حسام فرج العامل في متجر لبيع الملابس "لا تشجع الحرب الزبائن على القدوم وشراء الملابس .كان ثمة رواج قبل الحرب. الآن نزلت المبيعات للنصف". وأضاف أنه خفض الأسعار بنسبة 40% دون جدوى تذكر.

واقتصاد بنغازي وبقية الشرق الذي تسيطر عليه المعارضة في حالة مزرية بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الحرب الأهلية التي قسمت البلاد. وكانت المعارضة تأمل أن تتقدم سريعاً صوب طرابلس ولكن قوات القذافي الأفضل تسليحاً أوقفت تقدمها. وتوقف إنتاج النفط في الشر وهو مصدر رئيسي للإيرادات. وتسدد قوات المعارضة الأجور بشق الأنفس. وما من مؤشر على تحسن وشيك. وقال عبد الله شامية مسؤول الاقتصاد في اللجنة التنفيذية للمجلس الوطني الانتقالي "ليس لدينا احتياطيات لأن القذافي أخذ كل شيء".

ولا يبشر الوضع بخير لسكان الشرق الذي يعتمدون مثل بقية مواطني ليبيا على الأجور التي تسددها الدولة التي توظف العدد الأكبر من العمالة في البلاد. وتجد المعارضة صعوبة في دعم مؤسسات الدولة وتمويلها. وقال شامية إنه يتفاوض مع بنوك في قطر التيأاضحت أكبر دولة تدعم الشرق اقتصادياً وسياسياً لتسهيل التحويلات المالية الدولية. وتهدف الخطوة إلى توفير سيولة. وعرضت الدول الغربية المساعدة. وزارت مسؤولة السياسية الخارجية كاثرينأاشتون بنغازي الأحد الماضي وتعهدت بدعم قيادات المعارضة. وتعهدت واشنطن بتقديم المزيد من المعونة، وعرضت تقديم قروض لتمويل المعارضة؛ بينما ضغطت من أجل تشديد العقوبات على حكومة القذافي في طرابلس.

ورغم تهاوي الاقتصاد واضطرار المواطن العادي في شرق ليبيا إلى شد الحزام على البطن يقول كثيرون إن هذه المصاعب تهون من أجل الإطاحة بقبضة القذافي الحديدية. وتقول ربة المنزل فتحية البوسي (50 عاماً) إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت منذ بدء الانتفاضة، وأضافت "الزيادة طبيعية في ظل ظروف الحرب. ونحن مستعدون لتحملها مادمنا أحراراً" .

والطلب كبير أيضاً على شرائح الهاتف المحمول. وقال حسن العريبي الذي يبيع شرائح الهاتف المحمول "ثمة إقبال هائل على شراء شرائح الهاتف المحمول والأسعار ترتفع. لا يهتم المواطنون بالثمن طالما يستطيعون الاتصال بالأهل والأحباب". كما تزدهر أعمال وسام علي الذي يدير أحد مقاهي الإنترنت القليلة في بنغازي التي يقطنها 750 ألف نسمة. وقال "ثمة إقبال أكثر من ذي قبل. جميع أجهزة الكمبيوتر في مقهاي وعددها 11 مشغولة طوال اليوم". وقال فتحي المنيفي الذي يملك متجراً لبيع أجهزة الهاتف المحمول إن مكاسبه أقل كثيراً منها قبل الانتفاضة ولكنه لا يشكو. وتابع أن الاقتصاد في ظل حكم القذافي كان يتدهور يوماً بعد يوم حتى بدون قتال. وأضاف "نحن من أردنا قيام هذه الثورة حتى وإن التهمت دخلنا.