يُشبه جمهور النصر فريقهم الكروي الأول بمؤشر سوق الأسهم، تارة أخضر وأخرى أحمر، هكذا يظهر فريق الشمس في الموسم يوماً يقدم مباراة ولا أروع وآخر يصدم محبيه بهزيمة كبيرة.
ماذا يحدث في نادي النصر؟. سؤال يطرحه كل محب لـ(العالمي) الذي غاب طويلاً عن التتويج ببطولة الدوري أو الكأس، فالإدارة تعمل وتبذل الملايين الطائلة لجلب المدربين والمحترفين المحليين والأجانب في سبيل إعادة الهيبة للفريق، لكن النتائج دوماً مخيبة للآمال ولا ترضي الطموحات.
"الوطن" وضعت السؤال أمام عدد من المنتمين إلى النصر في الوسط الرياضي للحصول على إجابة تكشف اللغز وراء ما يحدث في الكيان الأصفر وتضع مقترحاتها حول ما هو مطلوب لعودة النصر إلى منصات التتويج في الاستحقاقات المقبلة.
المشكلة في المدرب والأجانب
يرى الإعلامي سعود عبدالعزيز الصرامي أن فريق النصر يسير في الطريق الصحيح، لكن مشكلته تكمن في ثلاثة أمور هي "عدم التوفيق في التعاقد مع مدرب فني جيد ومع محترفين أجانب مميزين، وكذلك في إهمال النصراويين أنفسهم للتواجد كأعضاء في لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم".
ويضيف "وأرى أهمية الاستعانة بالخبرات في الموسم المقبل للتعاقد مع مدرب جيد للفريق، والبحث عن ثلاثي أجنبي ممتاز على غرار كنيدي وأوسافانا وخوليو سيزار وكوليوكا الذين سبق أن احترفوا في الفريق من قبل، مع الاحتفاظ بالمحترف الكويتي بدر المطوع لقيمته الفنية والمهارية العالية داخل الملعب"، مضيفا "كما يجب الاستعانة بخبرات ولاعبين سابقين في النادي لتتعاقد مع مدير فني كبير ولاعبين أجانب كبار مع اهتمام رئيس المكتب التنفيذي بالنصر الأمير منصور بن سعود بزج الكوادر النصراوية في لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم، وذلك كأن يكون الأمير فيصل بن عبدالرحمن مثلاً رئيساً للجنة الاحتراف ومحمد الدويش رئيساً للجنة القانونية وأن ينضم علي حمدان ومحمد الغامدي وعبدالكريم الزامل إلى عضوية لجنة الإعلام والإحصاء، وأيضاً فهد الهريفي ويوسف خميس وسلمان القريني وصالح المطلق وعلي كميخ إلى لجنة المسابقات".
ويرجع الصرامي تراجع مستوى ونتائج الفريق إلى هذا الغياب، بقوله "معظم رؤساء وأعضاء لجان الاتحاد السعودي هلاليون"، ويتابع "وفريق الهلال فنياً وعناصرياً ليس بالفريق المخيف، والدليل غيابه عن البطولات الخارجية، لكن أعضاءه تجدهم هنا وهناك، وإذا كنا دائماً نشكو من غياب الكوادر السعودية في الاتحادين الدولي والآسيوي ما أثر على قوة منتخبنا في المحافل العالمية، فالنصر أيضاً يشكو من غياب الكوادر النصراوية في الاتحاد السعودي الذي انعكس عليه سلباً في الدوري المحلي".
ويؤكد الصرامي على أن النصر سيجني ثمارا عديدة في السنوات المقبلة بسبب اهتمامه بالفئات السنية التي استطاعت الحصول على بطولات عدة هذا الموسم نظير متابعة الأمير منصور بن سعود والأمير الوليد بن بدر والأمير فيصل بن عبدالرحمن والأمير فيصل بن تركي وعمران العمران والدكتور أيمن باحاذق وغيرهم ممن أسهموا في تطوير الفرق السنية بالنادي بعدما كان بعض منها مهدداً بالهبوط، وتابع "وهو ما جعل لاعبي الفئات السنية بالنادي يمثلون منتخبات المملكة للشباب والناشئين والبراعم" مرجعا سب ذلك إلى "لغة أعضاء شرف النصر لم تعد تعتمد مثل ذي قبل على سياسة كسر العظم أو جلد الذات أو مهاجمة الشرفيين لبعضهم في وسائل الإعلام من أجل الظهور، وأصبحوا اليوم يعملون من أجل النادي فقط الذي أضر به نتائج الفريق الكروي الأول والتي لم تساعد الإدارة على إبراز الجهد المبذول".
مطبات أجانب زينغا
ويوضح المدرب الوطني السابق والخبير الكروي علي كميخ بأن مرحلة التطوير تأخذ وضعها الطبيعي في النصر حالياً، وما يدل على ذلك تأهل الفريق إلى أدوار متقدمة في دوري آسيا للأندية، ويملك فرصة جيدة للظفر بكأس الأبطال، فلا تزال في يده خيارات عدة، واستدرك "لكنه يقع في (مطبات هوائية) دائماً بسبب ضعف مستوى لاعبيه الأجانب الذين هم نتيجة سوء الاختيار الذي وقع فيه المدرب السابق زينغا، والذين لم يقدموا ما يشفع لهم للاستمرار لموسم آخر مع الفريق رغم سيرتهم الذاتية الجيدة، بعد ذلك، جاء التعاقد مع المدرب دراغان الذي كان (القشة التي قصمت ظهر البعير)، مع أن النصر يملك لاعبين محليين جيدين تفوقت الإدارة على نفسها في التعاقد معهم".
ويرى كميخ بأن النصر من ضحايا (الوقت الضائع)، فيقول "في 6 مباريات، كان النصر يصطدم بالتعادل معه في الوقت الضائع من عمر اللقاء، وذلك لضعف الجانب التكتيكي لدى المدرب الذي عجز عن توجيه لاعبيه بالمحافظة على النتيجة على غرار ما حدث لمنتخبنا أمام البحرين في التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب أفريقيا، وهذا أمر يتطلب نضجاً كروياً لدى اللاعبين أيضاً". وأضاف "وهناك أخطاء تكتيكية وقع فيها المدرب وضعف في أداء محترفيه الأجانب وبعض الأخطاء التحكيمية".
وحول كيفية إعادة هيبة (نصر زمان أو نصر عبدالرحمن بن سعود)، قال كميخ "لا يمكن مقارنة النصر الحالي بالماضي، لأن الجيل السابق لم ولن يتكرر، لكن الفريق يتميز بلاعبين محليين جيدين لم يصلوا إلى النجومية لفقدانهم رصيدا حقيقيا من البطولات، مع أن ريان بلال وعبدالرحمن القحطاني ومحمد السهلاوي وحسين عبدالغني وإبراهيم غالب ومحمد عيد وأحمد الدوخي لا يقلون عن لاعبي الهلال والشباب، لكنهم لم يجدوا المدرب الجيد الذي يدعمهم والأجانب الذين يساهمون معهم في الانتصارات".
ويتابع "لو كان النصر فاز في المباريات الثلاث التي تعادل فيها أمام الفيصلي والرائد والتعاون، لكان بمقدوره أن ينافس على بطولة الدوري بقوة"، وأضاف "كما أن اللاعب الأجنبي لم يكن أحد الحلول الجيدة في أجندة المدرب أو الإدارة بخلاف أسلحة الهلال أو الفيصلي مثلاً، فكل لاعبيه الأجانب (مكين وبيتري وفيغاروا والمطوع) لم يقدموا ما يشفع لهم، لذا يحتاج الفريق إلى لاعب دفاع صلب ومحور وصانع لعب مميز في التسديد عن بعد ورأس حربة يلعب بجانبه محمد السهلاوي أو ريان بلال أو سعود حمود".
العمل المؤسساتي في الهلال
وأثنى كميخ على السياسة الإدارية في نادي الهلال التي تعتمد على العمل المؤسساتي المنظم، ففي رأيه أنه مهما اختلفت الأسماء، تبقى هناك استراتيجيه العمل الجماعي والاختيار المثالي للمدير الفني للفريق والمحترفين الأجانب، فضلاً على طموحات لاعبي الهلال العالية لتحقيق البطولات.
ويضرب كميخ مثلاً بالأهلي، بقوله "إنه ناد منتج على مستوى اللاعبين المحليين، لكنه يفتقد إلى سياسة احتواء اللاعبين، بينما الهلال يختلف، لأنه يغدق على لاعبيه المال، فالأهلي فرط في عدد كبير من اللاعبين أيضاً بسبب أنه يضع حداً أعلى لقيمة الصفقات فيشعر لاعبوه أن غيرهم في الأندية الأخرى يتقاضون أكثر وهم أقل مستوى منهم".
ويستطرد "العمل المؤسساتي في الهلال جيد، فيختلف رؤساء النادي ويتغيرون والأجندة واحدة كإدارة وأعضاء شرف وإعلام وجمهور، الكل فيهم يعمل للهلال فقط وليس لرئيس النادي أو عضو الشرف، فهم لا يميلون إلى (شخصنة) الأمور وهي ميزة يندر أن تجدها إلا في الهلال وبرشلونة ومانشستر يونايتد من خلال مواصلة النجاحات رغم التغييرات، لكي يبقى الكيان".
وعما يحتاج النصر في الموسم المقبل، قال كميخ "اختيار مدرب كفء يملك من الخبرة الكثير والإنجازات ليقتنع به اللاعبون والرأي العام، أي مدرب يتفوق على اللاعبين، يحترمه لاعبوه ولا يعلو صوتهم عليه، يجب ألا يكون مغموراً بل قوي لكي يشكل صدمة للاعبين، وأيضاً يفترض أن يطرح قدامى النصر رأيهم الاستشاري في المحترفين الأجانب الذين يسدون الثغرات من خلال ملفات يقدمونها تشتمل على توصياتهم دون الاكتفاء بالرأي الإداري".
وتطرق المدرب الوطني السابق إلى جانب نفسي هام من وجهة نظره توفره الإدارة الهلالية لمحترفيها الأجانب والمحليين عند توقيع العقود أو تجديدها بتقديم سيارة فارهة، وقال "هذا ما يحتاجه النصر كجزء من التحضير النفسي لللاعب الأجنبي أو المحلي" وأضاف "سبق أن تقدمت بمقترح إلى الأمير فيصل بن تركي بأن يقدم ميدالية مفتاح سيارة باهظة الثمن أمام الإعلام عند توقيع العقد"، ويزيد كميخ "يجب أن يكون هناك إحلال في العناصر الشابة كسعود حمود وإبراهيم غالب وأمثالهم من صغار السن الذين يستطيعون اللعب والعطاء لمدة 90 دقيقة، وحبذا أيضاً لو توضع لائحة مالية يعرف اللاعب منها على المكافأة المالية التي سيحصل عليها إذا حقق كل بطولة في المسابقات المختلفة، وهذا تنظيم مؤسساتي للنادي يفعله الهلال بدليل أنه لم يغب عن البطولات منذ سنوات، فكل رئيس هلالي يأتي ليحصد عدة بطولات في الموسم وهذا أمر لا يتأتى بالصدفة وأخيراً الالتفاف الشرفي".
تعاقب الإدارات المختلفة
من جانبه، أرجع المتحدث الرسمي بنادي النصر طارق بن طالب غياب النصر عن بطولات الدوري والكأس في السنوات الماضية إلى تعاقب الإدارات المختلفة على النادي، بقوله "الدوري يحتاج إلى استقرار إداري وهذا لم يظهر إلا في العامين الأخيرين إبان تنصيب الأمير فيصل بن تركي رسمياً، وهنا بدأ يقدم عملاً جديداً فحقق النصر المركز الثالث في الدوري العام الماضي ولم نوفق هذا العام فقط بسبب أجانب زينغا، فالمحترفون الأجانب لم يوفقوا لأنهم لم يستطيعوا أن يتأقلموا مع بيئتنا السعودية لأنهم يأتون لأول مرة إلى المملكة، وهو ما أحدث هزة في الفريق، فضلاً عن أن الدوري يتطلب مواصفات عالية من اللاعبين وثبات المدرب بينما تم تسريح الأجانب كرزفان مثلاً ورحيل المدير الفني زينغا".
ويضيف "مستوى النصر الحالي أفضل، حيث كان الفريق يصارع من أجل البقاء وعدم الهبوط وقد يأتي بالمركز الثالث هذا الموسم، وقدم عروضاً جيدة في دوري آسيا للأندية المحترفة، لكنه يحتاج إلى لاعبين أجانب (يشيلوا) الفريق. وتابع "كما أن الفريق يحتاج إلى جهاز فني كبير في الموسم المقبل".
ويشير ابن طالب إلى أن النصر يملك أفضل اللاعبين الأساسيين والبدلاء من المحليين مثل عبده برناوي وعبدالرحمن القحطاني وسعد الحارثي وريان بلال، لكن ومن أجل تحقيق البطولات لابد من التكامل بين المحترفين المحليين والأجانب، وقال "المحترف الأجنبي الذي يستفيد منه الفريق في الوقت الحالي هو بدر المطوع، أما فيغاروا تقهقر مستواه وبيتري لم يعد إلى مستواه السابق".
وحول السبب في سوء اختيار الأجانب، قال ابن طالب "لقد تصرفنا بما يمليه علينا نظام كرة القدم الحديثة في أوروبا فتركنا المدرب السابق زينغا هو من يختار ولم يحالفنا التوفيق فيهم رغم أنهم لاعبون دوليون مثلوا منتخبي رومانيا وأستراليا، ولكن اختلفت عليهم الظروف المعيشية بين بلدانهم والمملكة فتعرضوا إلى ضغوط نفسية انعكست على عطائهم داخل الملعب، والآن نحتاج إلى أجانب لرفع مستوى الفريق حتى يصبح جديراً بالمنافسة على بطولة الدوري في المواسم المقبلة التي تتطلب نفساً طويلاً".