(التغيير) سنة الحياة, فالظروف تتغير والأفكار تتجدد والاختراعات تتطور والمناهج تتبدل والأجيال تتعاقب والشمس تشرق وتغرب، وجميع ما في هذا الكون في حركة متغيرة متناغمة مستمرة. والمفهوم (الثابت) الوحيد كما يراه علماء الاجتماع هو مفهوم (التغيير) نفسه. والتغيير يقوم أساسًا على (الاختلاف) ويؤمن بـ(الاختلاف) ليتحقق (الاختلاف): الاختلاف فكرًا وعملا ونتيجةً, اختلاف السائد عن البائد والمستقبل عن الحاضر.
و(التغيير الإداري) أحد أهم الطرق وأكثرها فاعلية في تطور الأداء، خصوصًا إذا كان وفق خطة واضحة، وتدرج مبرمج. وهناك ظروف متنوعة تملي علينا وتدفعنا وتقودنا للتغيير الإداري, قد تكون هذه الظروف (عالمية) وقد تكون (اقتصادية) وقد تكون (داخلية). وللتغيير أشكال متعددة, فهناك (الإجباري) الذي يأتي (نتيجة ألم) ويكون (مؤلم النتيجة), وهناك (الاختياري) الذي يأتي بالرغبة والأمل، وهو إيجابي مقبول، وتلقى نتائجه الارتياح والقبول. وقد يكون شاملا ويسمى (الاستراتيجي)، وقد يكون متخصصا في جزئية أو مرحلة، كتغيير طريقة عمل أو تنظيم أو إدخال تقنية، ويسمى (التكتيكي).
و(التغيير الإداري) بشكل عام عملية انتقال من واقع (ما نحن فيه) إلى طموح (ما نتطلع إليه), ولكي تنجح إدارة التغيير في المؤسسات العامة والخاصة لا بد من وجود الخيال المبدع والمناخ المشجع. ولكي ينجح (المدراء) في عملية التغيير الإداري لا بد أن تتوفر بهم الإرادة والعزيمة، فـ(العزيمة) سر أسرار التغيير، ولذلك سمى الله تعالى رسله الكرام الذين كانوا أكثر تأثيرا وتغييرا (أولو العزم). و(التغيير الإداري) ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة مواكبة وتطلع, والملاحظ أن أكثر الإدارات الحكومية لا تخلو من قسم أو إدارة للتطوير الإداري في هياكلها التنظيمية، في حين لا نجد بها أي إدارة لـ(التغيير الإداري), وهناك اختلاف بين الاثنين في المسمى والأهداف والممارسة, فـ(التطوير) للواقع و(التغيير) للتطلع وللمستقبل, الأول عملية واقعية والثاني عملية إبداعية, وإذا أردنا تجاوز تطوير الواقع الإداري إلى تحقيق الطموح الإداري فلا بد من التأسيس لـ(إدارة التغيير)، وممارستها؛ لكي نواكب الاحتياجات والإجراءات والتقنيات المتغيرة في عصر تجاوز (التطوير) إلى (الإبداع)، وتجاوزت المفاهيم الإدارية (المطورين) إلى (المبدعين).
تتويت:
وجود إدارات للتغيير في هياكل المؤسسات العامة تضع الخطط وتشرك الموظفين وتنشر ثقافة التغيير الإداري هو اللبنة الأساس والوسيلة المثلى تنظيمًا لمواكبة المستجدات الإدارية والتقنيات الإلكترونية والمتطلبات المحلية والدولية.